لا يقتصر الفرق بين حمل الطفل الواحد وحمل التوأم على عدد الأجنّة فقط، بل يشمل تغيّرات واسعة في جسمكِ، مثل حالكِ النفسية، وحاجاتكِ الصحية. فكلّ تجربة حمل تختلف، لكن عندما يكون الحمل بتوأم، تزداد المتطلبات وتتسارع الأحداث. ما يجعل الأم في مواجهة تحديات فريدة ومضاعفة مقارنة بالحمل العادي.
في هذا المقال، نسلّط الضوء على الفروقات الجوهرية بين الحمل بجنين واحد والحمل بتوأم. سنتناول التغيرات الجسدية، والعوارض، والتغذية، والمتابعة الطبية، والمخاطر المحتملة. سنعتمد على مصادر طبية موثوقة لتقديم شرح علمي دقيق بلغة بسيطة ومنظمة. وذلك لنمنحكِ فهمًا أعمق وتجهيزًا أفضل لهذه المفاجأة التي قد تغيّر مسار حملكِ بالكامل.
التغيرات الجسدية: الحمل يتضاعف والتأثير يزداد
من اللحظات الأولى، يبدأ جسمكِ بإرسال إشارات مختلفة. عندما تحملين بتوأم، تلاحظين أن حجم البطن يكبر بشكل أسرع من الحمل العادي.

يرتفع مستوى هرمون الحمل (hCG) في الدم بشكل أكبر عند الحمل بتوأم. ما يؤدّي إلى تفاقم بعض العوارض، مثل الشعور بالغثيان الصباحي والتعب والدوخة. أيضًا، تزداد كتلة الدم بنسبة أكبر، ويزداد الوزن بسرعة لافتة.
وفقًا لدراسة منشورة في The American Journal of Obstetrics and Gynecology، قد تكتسب المرأة الحامل بتوأم بين 15 إلى 20 كيلوغرامًا، مقارنةً بـ 11 إلى 16 كيلوغرامًا في الحمل العادي. هذا يعود إلى وجود جنينين، ومشيمتين، وسوائل جنينية مضاعفة.
لذلك، الفرق بين حمل الطفل الواحد وحمل التوأم يظهر جليًا على الجسد منذ الثلث الأول من الحمل.
العوارض والمضاعفات
تكون عوارض الحمل أكثر شدة مع التوأم. فقد يستمرّ الغثيان لفترة أطول، ويكون الصداع أقوى، كما تزيد احتمالية الإصابة بحرقة المعدة، وآلام الظهر، وضيق التنفس.
يضغط التوأم أكثر على الحجاب الحاجز والمثانة. ما يجعل التنفّس صعبًا ويزيد عدد مرات التبوّل.
كذلك، تكون الأم أكثر عرضة للإصابة بسكري الحمل وارتفاع ضغط الدم، بسبب الجهد الإضافي الذي يبذله الجسم لدعم نمو جنينين. وتشير دراسة في Journal of Perinatal Medicine إلى أن نسبة الإصابة بتسمّم الحمل ترتفع بنسبة 2 إلى 3 مرات في حالات الحمل المتعدّد.
لهذا السبب، لا بد من متابعة دقيقة منذ بداية الحمل للكشف المبكر عن أي مضاعفات.
التغذية والرعاية: حاجة الجسم إلى دعم مضاعف
الحمل بتوأم لا يعني فقط المزيد من الوزن، بل أيضًا المزيد من الحاجة إلى المغذّيات. يحتاج جسمكِ إلى كمية أكبر من الحديد، والكالسيوم، والبروتين، والفوليك أسيد.

بحسب The Institute of Medicine، تحتاج المرأة الحامل بتوأم إلى حوالي 600 سعرة حرارية إضافية يوميًا، مقارنة بـ 300 فقط في الحمل العادي.
لذلك، من المهم جدًا التركيز على التغذية المتوازنة، وتناول المكملات بانتظام، وشرب كمية كافية من الماء.
أيضًا، يؤدّي الحصول على الراحة دورًا كبيرًا في تقليل مخاطر الولادة المبكرة، والتي تعتبر أكثر شيوعًا في الحمل بتوأم. لهذا، ينبغي تنظيم الأنشطة اليومية وتجنب الإجهاد الجسدي الزائد.
المتابعة الطبية والفحوصات الإضافية
يظهر الفرق بين حمل الطفل الواحد وحمل التوأم بوضوح في عدد الزيارات الطبية وعدد الفحوصات المطلوبة.
في الحمل بتوأم، تخضع الأم لفحوصات موجات فوق صوتية بشكل متكرّر، لمتابعة نمو الجنينين والتأكّد من سلامة المشيمتين والسوائل المحيطة بهما.
يُجرى أيضًا فحص دوري لعنق الرحم لقياس طوله ومتابعة احتمالية حدوث ولادة مبكرة. وتوصي الكلية الأمريكية لأطباء النساء والتوليد (ACOG) بزيارات طبية كل أسبوعين ابتداءً من الأسبوع 24 للحمل بتوأم، مقارنةً بزيارة كل أربعة أسابيع في الحمل العادي.
كما يجب مراقبة ضغط الدم بانتظام وتحليل البول للكشف عن أي بوادر تسمّم حمل. مع ضرورة تنظيم جدول صارم للفحوصات الدورية.
التحضير للولادة والاستعداد النفسي
عند الحمل بتوأم، تكون احتمالية الولادة القيصرية أعلى من الحمل العادي. والسبب يعود إلى وضعية الأجنة، أو حدوث مضاعفات مثل نزيف ما قبل الولادة أو الولادة المبكرة.

في كثير من الحالات، يولد التوأم قبل الأسبوع 37، وهذا يتطلّب تحضيرًا نفسيًا لاحتمال الدخول إلى الحاضنة أو البقاء في المستشفى لفترة أطول.
لذلك، من المهم أن تناقشي خطة الولادة مع الطبيب مسبقًا، وأن تجهزي حقيبتكِ في وقت مبكر. ولا تنسي أن دعم الزوج والأسرة يؤدّي دورًا كبيرًا في تخفيف الشعور بالتوتر وزيادة الاستعداد.
الخلاصة
الفرق بين حمل الطفل الواحد وحمل التوأم أعمق ممّا يبدو، وهو لا يتعلّق فقط بعدد الأجنّة بل بتغيّرات شاملة على مستوى الجسم، والنفس، والعناية الطبية. يُعَدّ تالحمل بتوأم جربة فريدة تتطلّب وعيًا أكبر، وتخطيطًا دقيقًا، وتغذية خاصّة لضمان وصول الطفلين بصحة وسلامة.
عندما تدركين هذه الفروقات، يمكنكِ التعامل مع الحمل بثقة وهدوء، وتتخذين القرارات المناسبة في الوقت المناسب. لا تخافي من الحمل بتوأم، بل كوني مستعدّة له. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن كيفيّة التعامل مع مشاكل الهضم عند الحامل.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أن كلّ أم تكتشف أنها حامل بتوأم تحتاج إلى طمأنة لا إلى قلق. نعم، الحمل بتوأم يضع جسدكِ تحت ضغط أكبر، لكنّه أيضًا تجربة جميلة تستحق أن تُعاش بوعي وفرح. إذا اعتنيتِ بنفسكِ جيّدًا وتابعتِ حملكِ بانتظام، يمكنكِ تخطي الصعوبات والوصول إلى لحظة الولادة بأمان ورضا. لا تنسي أن كل رحلة أمومة تحمل تحدياتها، لكنّها أيضًا تصنع منكِ امرأة أقوى.