لما ياسين لما ياسين 05-05-2025
الأمومة والتعلق الزائد.. متى يصبح الحب خوفًا؟

الأمومة والتعلق الزائد.. متى يصبح الحب خوفًا؟ سؤال يتكرّر في ذهن كل أم تخشى أن يتحوّل حبها لطفلها إلى قيدٍ يخنق حريته. فبين الحماية والاحتواء، وبين السيطرة والخوف، شعرة دقيقة. وفي زمنٍ تتسارع فيه المخاطر من حولنا، تصبح الأم مدفوعةً بغريزتها إلى الالتصاق العاطفي المُفرِط. هذا السلوك يبدو في ظاهره حنانًا، لكنه يخفي وراءه أنماطًا نفسية معقّدة تؤثّر سلبًا على نمو الطفل العاطفي والاجتماعي.

ias

في هذا المقال، سنناقش أسباب التعلق الزائد في العلاقة بين الأم وطفلها، ونستعرض إشاراته الخفية. ثمّ سننتقل إلى الكشف عن أثره على الطفل على المدى الطويل، قبل أن نختم بعرض خطوات علمية تساعدكِ على بناء علاقة متوازنة. كل ذلك مدعوم بأبحاث نفسية موثوقة ودراسات حديثة حول سلوك الأمومة وتأثيراته.

الحب الغريزي متى يتجاوز حدوده؟

كل أم تحب طفلها. لكن أحيانًا، الأمومة والتعلق الزائد.. متى يصبح الحب خوفًا؟ تظهر في لحظة يصبح فيها الحب وسيلة لطمأنة الأم أكثر من راحة الطفل. تشير دراسة نُشرت في Journal of Child Psychology and Psychiatry عام 2019، إلى أنّ الأمهات اللواتي يواجهنً شعور القلق العالي يُظهِرنَ مستويات مرتفعة من التعلّق المفرط. ممّا يُقلّل من فرص تربية طفل مستقلّ.

أمّ تحمل طفلها
زيادة التعلّق الغريزي بين الأم والطفل

بكلمات أخرى، تبدأ الأم بتبنّي سلوكيّات صغيرة مثل التدخل المستمر في أنشطة الطفل أو رفض تركه يواجه مواقف بسيطة بمفرده. مع الوقت، يفقد الطفل حسّ المبادرة، ويشعر أنه غير قادر على التصرّف من دون مساعدة مباشرة.

علامات التعلق الزائد التي تستدعي الانتباه

حتى لا تنزلق الأم من دون وعي إلى التعلق المرضي، يجب الانتباه إلى بعض المؤشرات. ومن أبرزها:

  • الخوف المبالغ فيه من إصابة الطفل أو أذيته حتى في المواقف اليومية العادية.
  • التدخّل في كلّ تفاعل اجتماعي يعيشه الطفل، خصوصًا في المدرسة أو مع الأقران.
  • صعوبة الانفصال، حتى في فترات قصيرة، مثل نوم الطفل في غرفة أخرى.
  • الإحساس بالذنب عند محاولة منح الطفل استقلالًا.

بحسب المركز الأمريكي للطب النفسي للأطفال (AACAP، 2021)، فإن الأطفال الذين يعيشون في بيئة من التعلق الزائد يعانون لاحقًا من صعوبة في اتخاذ القرار، والخجل الزائد، ونقص الثقة بالنفس.

كيف يؤثر التعلق الزائد على نمو الطفل؟

هنا تظهر النتائج العميقة. الطفل الذي ينشأ في ظلّ أم خائفة باستمرار من فقدانه يصبح هو بدوره خائفًا من العالم. في دراسة أجراها مركز Harvard Center on the Developing Child، تبيّن أن الأطفال الذين يتعرّضون لتقييد مفرط في الطفولة المبكرة يعانون من تأخّر في المهارات التنفيذية، مثل التخطيط والتعامل مع التغيير.

أمّ تحمل طفلها
تأثير التعلّق الزائد بين الأم والطفل

أيضًا، تتأثر قدراتهم الاجتماعية. إذ أن الطفل لا يتعلّم كيف يواجه الخلافات أو يتعامل مع الإحباط، لأنه اعتاد وجود الأم لحلّ كل شيء. وفي عمر المراهقة، قد ينقلب التعلّق المفرط إلى صراع. حيث يسعى الطفل إلى الاستقلال بأي طريقة، حتى لو كانت غير صحية.

كيف تبنين علاقة آمنة من دون تعلق زائد؟

الخبر الجيد أنّ الحفاظ على التوازن ممكن. إليكِ خطوات عملية، مبنية على توصيات American Psychological Association:

  1. شجّعي الاستقلال تدريجيًا: اتركي لطفلك حرية اللعب وحده، واتخذي خطوة إلى الوراء عندما يواجه موقفًا بسيطًا.
  2. راقبي مشاعركِ أولًا: إذا شعرتِ بالخوف الزائد، توقفي وفكّري: هل هذا الخوف واقعي؟ أم أنه نابع من قلق داخلي غير مبرر؟
  3. استخدمي لغة مشجّعة: بدلًا من قول “لا تذهب بعيدًا، ستقع”، قولي “أنا واثقة أنك تستطيع، وأنا هنا إن احتجتني”.
  4. احترمي خصوصية الطفل: اسمحي له بمساحته الخاصّة، وامنحيه فرصة أن يخطئ ويتعلّم.
  5. استشيري اختصاصيين: في حال لاحظتِ صعوبة في الانفصال أو قلقًا زائدًا مستمرًا، يمكن للمعالجة النفسية أن تساعد في إعادة التوازن.

من المهم هنا التذكير أن الأمومة والتعلق الزائد.. متى يصبح الحب خوفًا؟ ليست قضية فردية، بل حال تتكرّر بين الأمهات في كل الثقافات، وهي ناتجة عن غريزة الحماية. لكن يمكن تعديلها بأساليب تربوية سليمة.

هل التعلق الزائد يعني أنكِ أم سيئة؟

بالطبع لا. بل هو دليل على الحب. لكن الحب يحتاج إلى وعي. العلاقة الصحية تُبنى على التوازن بين القرب والمسافة، بين الحماية والحرية. الأم الناجحة ليست من تمنع كل ألم عن طفلها، بل من تعلّمه كيف يواجه الحياة بثقة، ويعود إليها حين يحتاج دعمًا.

طفل يقبّل أمّه
دلالة التعلّق الزائد بين الأم والطفل

تذكّري أن الأمومة والتعلق الزائد.. متى يصبح الحب خوفًا؟ ليس مجرد سؤال تربوي، بل بوابة لإعادة التفكير في الطريقة التي نحب بها أطفالنا، من دون أن نحبسهم في دوائر الخوف.

في النهاية، تبقى الأمومة رحلة متواصلة من التعلّم والمراجعة. لا توجد وصفة واحدة تناسب الجميع، لكن توجد مبادئ إنسانية وعلمية تساعدكِ على النمو كأم، وتساعد طفلك على النمو كإنسان. لا تخافي من الخطأ، بل خافي من الجمود. وكل خطوة نحو الوعي هي انتصار لكِ وله. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن مفاجآت لا تتوقعينها في أول سنة من الأمومة.

وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أن التعلق الزائد هو نتيجة لحب صادق، لكنه يحتاج إلى ضبط وتوجيه. حين تدرك الأم أن دورها ليس السيطرة بل التوجيه، يتغيّر شكل العلاقة. الطفل لا يحتاج أمًا تخاف عليه في كل لحظة، بل يحتاج أمًا تؤمن بقدرته وتدعمه بثقة. التوازن ليس سهلًا، لكنه يستحق الجهد، لأنه يصنع جيلًا أقوى نفسيًا وأكثر وعيًا بذاته وبالعالم من حوله.

الأمومة والطفل أمومة الأم والطفل الأم وطفلها الأمومة الامومة نصائح الأم والطفل

مقالات ذات صلة

بكتيريا نافعة
صحة الطفل فوائد البكتيريا النافعه للاطفال​: لن تصدّقي كيف تساعد أجهزة جسم طفلكِ!
كل ما يتعلّق بصحة طفلكِ
امرأة حامل في حقل القمح
الجنين كثرة حركة الجنين في الشهر السادس​: كلّ ما ترغبين في معرفته عن هذا الشهر من الحمل!
كل ما تريدين أن تعرفيه
امرأة تشرح للطبيبة ألم المعدة
اعراض الحمل هل الم المعدة من اعراض الحمل​: إليكِ الأعراض الأقلّ شيوعًا للحمل!
أعراض الحمل الأقلّ شيوعًا
تأخر التبويض
التبويض التبويض المتأخر متى يبان الحمل​
كل ما تريدين معرفته
طفلة تقيس طولها
صحة الطفل حساب كتلة الجسم للاطفال​: كيف تعرفين وزن طفلكِ الطّبيعي!
كل ما يهمك عن صحة طفلك
بالفيديو، أنا أم لصبيان فقط وتعبت جدًا من سماع هذه الأمور
الأم والطفل بالفيديو، أنا أم لصبيان فقط وتعبت جدًا من سماع هذه الأمور
هل تعانين من هذه المشاكل؟
ما الذي يجعل مشاعر الأمومة مع الطفل فريدة لا تشبه أي حب آخر؟
الأمومة والطفل ما الذي يجعل مشاعر الأمومة مع الطفل فريدة لا تشبه أي حب آخر؟
إليكِ ما لم تعرفيها من قبل..
طفلة تعاني من السعال
صحة الطفل علاج الخناق عند الأطفال بالاعشاب​: مرض خطير يهدّد حياة طفلكِ!
كل ما تريدين معرفته
طفلة مريضة في الفراش
صحة الطفل اعراض العفنه عند الطفل​: مرض خطير لا تعرف معظم الأمّهات عنه!
مشاكل خطيرة غير شائعة
طفلة صغيرة تنظر ببراءة
مراحل نمو الطفل الجسدية العاده السريه عند الاطفال​: حالة تصيب الأمّهات بالهلع وحيرة في التصرّف!
مشكلة تشغل بال الأمهات
3 مفاتيح ذهبية تجعل طفلك يعيش حياة سعيدة!
الأمومة والطفل 3 مفاتيح ذهبية تجعل طفلك يعيش حياة سعيدة!
تضمن لكِ تربية طفل واثق وسعيدة!
امرأة حامل تنظر إلى بطنها
الأسبوع الخامس عشر هل يتحرك الجنين في الأسبوع 15​: معلومات تعرفينها لأوّل مرّة!
تطورات الحمل الأسبوعية

تابعينا على