كيف تختارين الوضعية التي تناسبك وتناسب شريكك؟ سؤال جوهري تسأله كل امرأة تسعى إلى الحفاظ على علاقة زوجية صحية، ومريحة، ومليئة بالتفاهم. لا تتعلّق الإجابة فقط بالجوانب الجسدية، بل تشمل أيضًا ما هو أعمق من ذلك. فاختيار الوضعية المناسبة يؤثر بشكل مباشر على الراحة النفسية، والثقة المتبادلة، وجودة العلاقة الحميمة بشكل عام.
في هذا المقال، سنناقش هذا الموضوع من عدة زوايا علمية وعملية. أولًا، سنتناول دور الجسد والراحة في العلاقة الحميمة. ثم ننتقل إلى الكشف عن أهمية الحوار مع الشريك، وتأثير المشاعر والثقة. بعدها، سنقدّم نصائح عملية لاختيار الوضعية الأنسب لكِ وله، استنادًا إلى أبحاث علمية وتجارب مثبتة.
1- الراحة الجسدية
في البداية، لا بد من الانتباه إلى أن الوضعية المناسبة تبدأ من فهم جسدكِ. فكل امرأة لها بنية مختلفة، وكل شريك له احتياجات مختلفة. وفقًا لدراسة منشورة في Journal of Sexual Medicine، أكدت الباحثة “ديبرا هيربيك” أنّ الوضعيات التي تسمح بالتحكم في الحركة تقلّل من الشعور بالألم الجسدي لدى النساء وتزيد من الشعور بالرضا العاطفي.

لهذا السبب، من المهم أن تجربي أكثر من وضعية لتكتشفي ما يمنحك الراحة. بعض النساء يفضّلنَ الوضعيات التي تسمح لهنَّ بالتحكّم، خاصّةً إذا كنّ يعانينَ من آلام في أسفل الظهر أو المفاصل. بينما تفضل أخريات الوضعيات التي تسمح بالتقارب العاطفي، كالوضعيات التي يتم فيها التلامس بالعين.
بالتالي، اختاري دائمًا الوضعية التي تشعركِ بالاسترخاء، ولا تضغطي على نفسك لتجربي ما لا يريحكِ جسديًا.
2- التواصل مع الشريك
ثمّة نقطة أساسية لا بد من التركيز عليها: لا يمكنكِ معرفة كيف تختارين الوضعية التي تناسبك وتناسب شريكك؟ من دون حوار صريح وهادئ. فالكثير من النساء يتجنّبن مناقشة تفضيلاتهن الحميمة بسبب الخجل أو الخوف من الحكم. لكن الحقيقة أن التواصل يُعد حجر الأساس في التفاهم الجنسي.

دراسة نُشرت في Archives of Sexual Behavior أظهرت أن الأزواج الذين يتحدثون عن تفضيلاتهم الحميمة يشعرون بنسبة 70% برضا أكبر عن علاقتهم من أولئك الذين لا يفعلون ذلك. الحوار لا يعني النقد، بل التعبير عن الذات بطريقة بنّاءة.
استخدمي عبارات بسيطة، واختاري التوقيت المناسب. تحدّثي بهدوء، وركّزي على ما يريحك، وما يزعجك. وهكذا، يمكنكما معًا استكشاف أفضل الطرق للوصول إلى تجربة متوازنة توصلكما إلى الرضا الجنسي.
3- العاطفة والثقة
من المهم جدًا أن نُدرك أن العلاقة الحميمة ليست مجرّد تفاعل جسدي، بل هي انعكاس للعلاقة العاطفية بين الزوجين. لهذا السبب، تُعَدّ الثقة عاملًا حاسمًا في تحديد مدى ارتياحكِ في تجربة وضعيات مختلفة.
أظهرت الأبحاث في International Journal of Sexual Health أن النساء اللواتي يشعرن بالأمان العاطفي مع الشريك يكنّ أكثر قدرة على تجربة وضعيات جديدة، وأقل عرضة للشعور بعدم الراحة أو التوتر أثناء العلاقة.
إذا كنتِ تشعرين بالخجل أو القلق، فقد يكون السبب مرتبطًا بمشاعر غير مريحة تجاه نفسك أو تجاه الشريك. لذلك، اعملي على تقوية الرابط العاطفي من خلال تمضية وقت مشترك خارج العلاقة الحميمة، والتحدث عن المشاعر، وإظهار التقدير المتبادل.
نصائح عملية مبنية على دراسات علمية
نصل الآن إلى الجزء العملي. إليك بعض النصائح المبنية على دراسات علمية لمساعدتك في اختيار الوضعية التي تناسبك وتناسب شريكك:

- جرّبي الوضعيات التي تقلل من الضغط على المناطق الحساسة: مثل وضعية “المرأة فوق” التي تمنحكِ التحكم الكامل، وتقلّل من التوتر الجسدي.
- اختاري الوضعيات التي تتيح التلامس الجسدي والعيني: كالوضعية الأمامية التي تعزز القرب العاطفي، ما يحفّز إفراز هرمون الأوكسيتوسين المسؤول عن الارتباط العاطفي.
- راقبي إشارات جسدكِ خلال العلاقة: لا تتجاهلي الشعور بالألم أو التوتر. هذه إشارات جسدية تشير إلى أن الوضعية غير مناسبة.
- جربي تدريجيًا، ولا تستعجلي النتائج: بعض الوضعيات تحتاج إلى تكيّف جسدي ونفسي. التدرج يخفّف من التوتر ويزيد من تقبّلكِ للتجربة.
كما أشارت دراسة في Sexual and Relationship Therapy إلى أن النساء اللواتي يمارسن العلاقة الحميمة بمرونة وتجربة يعشن سعادة أكبر من اللواتي يلتزمن بوضعية واحدة فقط.
الخلاصة
في النهاية، كيف تختارين الوضعية التي تناسبك وتناسب شريكك؟ يبدأ من الإصغاء لجسدكِ، والحديث مع شريككِ، وتقبّل مشاعركِ، والانفتاح على التغيير. الأمر لا يتعلّق فقط بالمتعة الجسدية، بل بالسعادة النفسية، والشعور بالثقة، وتقدير الذات. كل وضعية ناجحة وراءها مشاعر واضحة، وتواصل بنّاء، وراحة تامة.
اعلمي أن جسدكِ يستحق العناية والاحترام، وأن العلاقة الحميمة ليست مفروضة. بل تجربة يحق لكِ التحكم فيها، واختيار تفاصيلها. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق و
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أن قوة المرأة تبدأ من وعيها بجسدها، وفهمها لاحتياجاتها، وقدرتها على التعبير عنها من دون خجل. عندما تسألين “كيف تختارين الوضعية التي تناسبك وتناسب شريكك؟”، فإنك لا تسألين فقط عن وضعية، بل عن علاقة قائمة على التفاهم، والاحترام، والتوازن. تذكّري دائمًا أن التغيير يبدأ بخطوة صغيرة، والكلمة الصريحة أحيانًا تكون أقوى من أي تجربة جسدية.