بالكاد بعد مرور عقود من التقدم في الطب والتكنولوجيا، ها هي اليابان تُحرز خطوة غير مسبوقة في عالم البيوتكنولوجيا: الرحم الاصطناعي. منذ اللحظة الأولى، جذب هذا الابتكار أنظار العلماء وأثار فضول المجتمع الطبي، لما له من قدرة على محاكاة بيئة الرحم الطبيعي خارج جسد الأم. مما يفتح آفاقًا جديدة في رعاية الأطفال الخدّج.
في هذا المقال، نسلّط الضوء على كيفية عمل هذه التقنية الثورية، وأهميتها للمواليد المبتسرين، والتحديات الأخلاقية والعلمية التي لا تزال تُحيط بها.
١- الرحم الاصطناعي: ماذا يعني؟
بدأت الأبحاث في اليابان وأستراليا، تحت اسم “EVE Therapy”، لتطوير بيئة رحمية خارجية “Ex Vivo Uterine Environment” تدعم تطور الأجنة خارج الرحم الطبيعي. صُمّم النظام ليحاكي بدقة الظروف البيئية داخل رحم الأم، مثل الحرارة، والضغط، وتدفق السوائل الغنيّة بالأكسجين والعناصر الغذائية.

بواسطة هذه البيئة الصناعية، يتمكن الجنين المولود في مرحلة مبكرة جدًا من مواصلة نموّه الحيوي، من دون الحاجة إلى الحاضنات التقليدية فقط. بل من خلال نظام يقترب إلى حد كبير من تجربة الحياة داخل الرحم.
٢- لمن يُفيد هذا الابتكار؟
تُركّز التكنولوجيا الحالية على دعم الأجنّة المولودين في وقت مبكر جدًا، والذين عادة ما يواجهون معدلات مرتفعة من المضاعفات الصحية، كأمراض الجهاز التنفسي، أو النزيف الدماغي. بفضل هذا النظام، يمكن تقليل هذه المخاطر، مما يمنح هؤلاء الأطفال فرصة أفضل للحياة والنمو السليم.
ومن المهم التأكيد على أنّ الرحم الاصطناعي لا يُعدّ بديلًا للولادة الطبيعية الكاملة بعد. بل يُستخدم كوسيلة إنقاذ في حالات الولادة المبكرة الحادة.
٣- تحديات وأبعاد أخلاقية
رغم الإنجازات العلمية، لا يزال هذا الابتكار يثير تساؤلات أخلاقية عميقة. كيف ستتغيّر علاقة الأم بجنينها إذا نُقل إلى رحم اصطناعي؟ ومتى يصبح استخدام هذه التقنية مقبولًا اجتماعيًا ودينيًا؟. بالإضافة إلى ذلك، لا تزال هناك حاجة ماسة للمزيد من الدراسات والتجارب قبل تطبيقها على نطاق واسع في المستشفيات.
يُعدّ الرحم الاصطناعي ثورة محتملة في مجال رعاية الأطفال الخدّج. فهو لا يُقلّد فقط بيئة الرحم، بل يفتح الباب أمام فرص طبية جديدة كانت يومًا ما من الخيال. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن الفرق بين الحقن المجهري وأطفال الأنابيب.