لم تَعُد التربية تعتمد فقط على الحدس أو التجربة الشخصية. في عصر الذكاء الاصطناعي، بات من الممكن للأهل أن يفهموا أطفالهم بطريقةٍ أعمق وأكثر علمية. تستطيع التطبيقات الذكية اليوم تحليل انفعالات الطفل أثناء اللعب، وتقديم مؤشرات دقيقة عن حاله النفسية وسلوكه الاجتماعي. ما يفتح الباب أمام تربيةٍ أكثر توازنًا وإيجابية.
ومع اقتراب القمة اللبنانية للذكاء الاصطناعي 2025، التي تُقام في 7 نوفمبر، برعاية سعادة الدكتور نواف سلام، رئيس مجلس الوزراء في لبنان، وبإشراف وزير التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، الدكتور كمال شحادة، يتجدّد الحديث عن الإمكانات الواسعة لهذه التقنيات في خدمة الإنسان، ومن ضمنها التربية والطفولة.
الذكاء الاصطناعي يفهم الطفل من خلال اللعب
تحوّلت الألعاب الرقمية من وسيلة تسلية إلى أداة تحليل ذكية. فهي تراقب انفعالات الطفل، وسرعة استجابته، وطريقة تفاعله مع الفوز أو الفشل.
ومن خلال خوارزميات دقيقة، تستطيع بعض التطبيقات تحديد مؤشرات تُعبّر عن الشعور بالقلق، والتوتر، أو ضعف التركيز. ما يساعد الأهل على التدخّل بطريقة مبكرة.
لا يعني ذلك مراقبة الطفل أو تقييد حريته، بل فهمه. فالتكنولوجيا هنا تعمل كمرآة تعكس عالمه الداخلي، وتمنح الأهل فرصة لرؤية ما لا يُقال بالكلمات.
تحليل السلوك خطوة نحو تربية أكثر وعيًا
عندما يتفاعل الطفل مع لعبة تعليمية أو تطبيق تفاعلي، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يرصد الأنماط المتكرّرة في سلوكه — مثل الميل إلى العزلة أو التردّد أو سرعة الغضب.
بعد التحليل، تُقدَّم للأهل نصائح عامّة تُشجّع على الحوار الإيجابي بدلًا من العقاب. ما يجعل التربية أكثر تفهّمًا لمشاعر الطفل.
هذه الأدوات لا تُصدر أحكامًا، بل تطرح أسئلة، وتساعد الأهل على التفكير في الأسباب قبل النتائج. ومن هنا، يمكن للتكنولوجيا أن تكون حليفًا في تعزيز التربية الإيجابية، عندما تُستخدم بوعي وتوازن.
لبنان يسير نحو تربية رقمية أكثر وعيًا
مع تسارع التطوّر التقني، يزداد اهتمام المؤسسات التربوية في لبنان بإمكانية دمج الذكاء الاصطناعي في التعليم والتربية الأسرية.
وفي هذا الإطار، تُعتبر القمة اللبنانية للذكاء الاصطناعي 2025 التي تُقام في 7 نوفمبر، خطوة رمزية نحو نقاشٍ وطني حول كيفية استخدام التكنولوجيا لخدمة الإنسان، وليس العكس.
ورغم أنّ هذا النوع من التطبيقات قد لا يُطرح بعد في القمة. إلا أنّه يمثّل أحد الاتجاهات المستقبلية التي قد تساهم في تطوير أساليب التربية، وجعلها أكثر رحمة وذكاءً.
التربية الإيجابية في زمن الذكاء الاصطناعي
تركّز التربية الإيجابية على بناء علاقة قائمة على الفهم والثقة، لا على الأوامر والعقوبات.
وعندما تُستخدم التكنولوجيا بشكلٍ ذكي، تصبح وسيلة لتعزيز هذا المفهوم. فعوضًا عن مراقبة الطفل، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يُرشد الأهل إلى الطريقة الأنسب للتواصل معه، وأن يذكّرهم دائمًا بأن وراء كل سلوكٍ رسالة عاطفية تحتاج إلى الإصغاء لا إلى التوبيخ.
يُثبت الذكاء الاصطناعي أن التربية الحديثة يمكن أن تجمع بين العاطفة والعلم. فمن خلال أدواتٍ بسيطة، يستطيع الأهل أن يفهموا عالم أطفالهم الداخلي، ويبنوا علاقة قائمة على الوعي والتواصل.
