يعكس اتّخاذ وضعيات النوم للزوجين وضعيات النوم للزوجين طبيعة العلاقة العاطفية ومدى الانسجام النفسي والجسدي بينهما. فطريقة تلامس الأجساد أثناء النوم تعبّر عن لغة صامتة، تُظهر مستوى القرب أو الحاجة إلى مساحة شخصية. وقد أظهرت دراسات في علم النفس أن النوم بجانب الشريك يعزز إنتاج هرمون الأوكسيتوسين المعروف بهرمون “الحب”. ممّا يرفع الشعور بالطمأنينة ويخفّف من الشعور بالتوتر.
في هذا المقال سنستعرض أهم وضعيات النوم التي تمنح الشريكين فرصة أكبر للتقارب العاطفي والجسدي. كما سنبين التأثيرات العلمية لكل وضعية على الصحة الجسدية والنفسية. وأخيرًا سنقدّم نصائح تساعد الأزواج على الاستفادة من هذه الوضعيات لتعزيز الحب والحفاظ على علاقة متينة.
وضعية العناق الجانبي
تتميّز هذه الوضعية بأن يلتف أحد الزوجين حول الآخر بالعناق أثناء النوم. وهي وضعية شائعة في السنوات الأولى من الزواج حيث يزداد الحنين والارتباط العاطفي.
تشير الدراسات إلى أن هذا النوع من التلامس المباشر يعزّز الشعور بالأمان ويقلل مستويات الكورتيزول، وهو الهرمون المسؤول عن الشعور بالتوتر. كذلك تساعد هذه الوضعية على رفع الثقة بين الشريكين لأنها تحمل رسالة ضمنية: “أنا موجود لأجلك”.
من الناحية الجسدية، هذه الوضعية تساهم في تنظيم ضربات القلب، كما تعطي إشارة عصبية للجسم بالاسترخاء العميق. إلا أنه يُنصح بتغييرها خلال الليل حتى لا تسبب تنميل في الذراعين أو الرقبة.
وضعية النوم وجهًا لوجه
في هذه الوضعية ينام الزوجان متقابلين بحيث ينظر كل طرف إلى الآخر عن قرب. هذه الوضعية تعكس رغبة في الحوار الصامت وتعميق التواصل العاطفي حتى أثناء النوم.
علم النفس يفسرها بأنها إشارة قوية إلى التفاهم، حيث إن النظر إلى وجه الشريك يحفّز الدماغ على إنتاج مشاعر إيجابية. كذلك تساهم هذه الوضعية في تحسين التنفس بفضل تدفق الهواء بشكل متوازن.
لكن من المهم الانتباه إلى أن القرب المفرط قد يسبّب شعورًا بالحرارة أو ضيقًا في التنفس. لذلك ينصح الخبراء بالحفاظ على مسافة بسيطة تسمح بالراحة الجسدية مع بقاء التواصل البصري قائمًا.
وضعية الظهر للظهر مع التلامس
هذه الوضعية شائعة بين الأزواج الذين يرغبون بالحصول على الراحة الجسدية لكن مع الإبقاء على رابط جسدي صغير مثل ملامسة اليدين أو الأرجل.
أوضحت البحوث النفسية أنّ اتّخاذ هذه الوضعية يعكس توازنًا في العلاقة، حيث يحترم كل طرف مساحة الآخر الشخصية دون الانفصال الكامل. كما أن مجرد التلامس الخفيف يرسل إشارات عصبية للجسم تحفّز إفراز الأوكسيتوسين.
أيضًا، تُعَدّ هذه الوضعية مريحة للعمود الفقري وتسمح بحرية الحركة أثناء الليل. لذلك يفضلها الأزواج الذين يبحثون عن مزيج من القرب والاستقلالية.
وضعية النوم على الكتف
في هذه الوضعية يضع أحد الزوجين رأسه على كتف الآخر أو صدره. وتُعَدّ من الوضعيات الرومانسيّة التي تعبّر عن الحماية والدعم العاطفي.
تؤكّد الدراسات الطبية أن هذه الوضعية تقلّل من معدل القلق الليلي، حيث يمنح الصوت المنتظم لدقات قلب الشريك شعوراً بالطمأنينة. كما تساعد على النوم العميق السريع، خصوصًا عند الأشخاص الذين يعانون من الأرق.
كذلك، تعكس هذه الوضعيةدور الشريك كحاضن ومانح للأمان. وهو ما يعزّز العلاقة العاطفية على المدى الطويل.
وضعية الملعقة (Spooning)
تُعَد من أشهر وضعيات النوم للزوجين في الثقافات المختلفة. فيها يلتف أحدهما حول الآخر من الخلف بشكل يشبه الملعقة.
أظهرت الأبحاث أن هذه الوضعية تزيد إفراز هرمون السيروتونين، ما يرفع المزاج ويخفف القلق. كما تساعد على تنظيم حرارة الجسم لأن التلامس المباشر يولد دفئًا طبيعيًا.
أيضًا، هذه الوضعية تعزّز الشعور بالرغبة الحميمة بين الزوجين، مما يجعلها خيارًا مفضلًا للكثيرين في تقوية العلاقة. ومع ذلك، ينصح الأطباء بتغييرها من حين لآخر لتجنب الشد العضلي.
وضعية النوم المنفصل مع تقارب السريرين
في بعض الحالات يفضّل الزوجان النوم كلٌّ في مساحة مستقلة داخل السرير، لكن مع الحفاظ على قرب الأجساد. تعكس هذه الوضعية مرحلة من النضج العاطفي، حيث يجمع الطرفان بين الراحة الجسدية والحفاظ على التواصل.
من الناحية العلمية، النوم المريح يعزز مناعة الجسم ويزيد القدرة على التركيز خلال النهار. لذلك فإن هذه الوضعية قد تكون مثالية للأزواج الذين يعانون من اختلافات في أنماط النوم أو مشاكل صحيّة مثل الشخير.
لكن، يبقى شرطها الأساسي هو القرب الجسدي الذي يحافظ على الرابط النفسي بين الزوجين حتى لو لم يكن هناك عناق مباشر.
تأثير الوضعيات على الصحة النفسية والجسدية
لا تقتصر فوائد هذه الوضعيات على الجانب العاطفي فقط. بل إن الطب الحديث يوضح أن النوم بجانب الشريك يخفض ضغط الدم، ويعزز جودة النوم، ويقلّل من احتمالية الإصابة بالاكتئاب.
كذلك، النوم المشترك يرفع من مستوى هرمونات السعادة مثل الأوكسيتوسين والدوبامين. وهذه المواد الكيميائية الدماغية تُحسّن المزاج وتدعم الصحة الذهنية.
أيضًا، تساعد العلاقة الجسدية الوثيقة أثناء النوم على خفض معدل ضربات القلب وتحسين أداء الجهاز المناعي، وهو ما ينعكس إيجابًا على الصحة العامة.
من الواضح أن وضعيات النوم للزوجين ليست مجرد تفاصيل عابرة، بل هي لغة صامتة تنعكس في عمق العلاقة. فهي قادرة على تعزيز الحب، وتقوية الروابط العاطفية، وتحسين الصحة الجسدية والنفسية. وكل زوجين يمكنهما اختيار الوضعية التي تناسب طبيعة علاقتهما وتفضيلاتهما الشخصية، مع الحرص على التنويع لتحقيق الفائدة الكاملة. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا عن دلالة عدم الاهتمام بالزوجة.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أن هذه الوضعيات تحمل بعدًا يتجاوز الراحة الجسدية لتصبح وسيلة للتعبير عن الحب والثقة المتبادلة. لذلك أنصح كل زوجين بالاهتمام بطريقة نومهما، لأنها مفتاح صغير لكنه فعّال لبناء علاقة طويلة الأمد مليئة بالمودة والسكينة.
