يُعتبَر التعرّف على عدد ساعات النوم للأطفال من أكثر الأسئلة التي تشغل بالكِ كأم، لأنّ النوم لا يقتصر على الراحة فقط بل هو عملية حيوية تعيد بناء الدماغ والجسم معًا. تشير الأبحاث العلمية إلى أنّ النوم الكافي يعزّز جهاز المناعة، وينظّم الهرمونات، ويحمي من الاضطرابات السلوكية والمشاكل الصحية لاحقًا. ولذلك، يصبح الحرص على نوم طفلكِ بالكمية المناسبة جزءًا أساسيًا من رعايته اليومية.
في هذا المقال، سنعرض لكِ جدولًا واضحًا يحدّد عدد الساعات المثالية لكلّ عمر من أعمار الأطفال، بدءًا من حديثي الولادة وحتى سنوات المراهقة المبكرة. وسنشرح لكِ كيف يختلف احتياج النوم بين مرحلة وأخرى، ونكشف لكِ أسرار العلامات التي تدل على أنّ طفلكِ لا يحصل على قسط كافٍ من النوم. إضافةً إلى نصائح عملية تساعدكِ في ضبط مواعيد نومه بسهولة.
النوم وأهميته للنمو
النوم ليس مجرّد عادة يومية، بل هو حاجة بيولوجية أساسية تمامًا مثل الطعام والماء. خلال ساعات النوم، يفرز الجسم هرمونات النمو الضرورية لبناء العضلات والعظام، كما يعالج الدماغ المعلومات التي تعلّمها الطفل خلال النهار. لذلك، يؤكّد خبراء النوم أنّ أي نقص في عدد ساعات النوم للأطفال قد ينعكس سلبًا على الأداء الدراسي، والمزاج، وحتى جهاز المناعة.

من المهم أن تعرفي أنّ الطفل الذي ينام جيدًا يكون أكثر هدوءًا، أسرع في اكتساب المهارات اللغوية والحركية، وأقلّ عرضةً لاضطرابات السلوك. هنا يظهر دوركِ في مراقبة أوقات نومه وضبط الروتين المناسب له.
حديثو الولادة (من 0 إلى 3 أشهر)
في هذه المرحلة، يحتاج الطفل إلى النوم معظم ساعات اليوم. تشير الدراسات إلى أنّ حديثي الولادة ينامون بين 14 إلى 17 ساعة يوميًا، موزّعة بين النهار والليل على شكل قيلولات متعددة.
السبب في هذا العدد الكبير هو أنّ دماغ الرضيع ما زال في طور النمو، والجهاز العصبي بحاجة إلى فترات طويلة من الراحة ليعمل بكفاءة. من الطبيعي أن يستيقظ طفلكِ كثيرًا للرضاعة، فلا تقلقي إذا لم يتّبع جدولًا ثابتًا في البداية.
الرضّع (من 4 إلى 11 شهرًا)
في هذا العمر، يبدأ نمط النوم بالاستقرار أكثر. يحتاج الطفل عادةً إلى 12 إلى 15 ساعة يوميًا، تتوزّع بين نوم ليلي أطول وقيلولتين أو ثلاث في النهار.
من المفيد أن تضعي روتينًا ثابتًا لوقت النوم مثل حمام دافئ أو قراءة قصة قصيرة. هذه العادات البسيطة ترسل إشارات للدماغ أنّ الوقت قد حان للراحة.
الأطفال الصغار (من سنة إلى سنتين)
مع بداية المشي والكلام، يصبح الطفل أكثر نشاطًا ويحتاج إلى 11 إلى 14 ساعة يوميًا من النوم. عادةً ينام ليلًا مع قيلولة واحدة في النهار.
قد تظهر قلة النوم في هذا العمر في شكل نوبات غضب، وقلة تركيز، أو حتى تأخر في الكلام. لذلك، حاولي الالتزام بروتين محدّد يساعده على النوم في وقت مناسب.
مرحلة ما قبل المدرسة (3 إلى 5 سنوات)
هنا يحتاج الطفل إلى 10 إلى 13 ساعة يوميًا. قد يتوقّف بعض الأطفال عن أخذ القيلولة، لكنّ النوم الليلي يصبح أطول وأكثر انتظامًا.
في هذه المرحلة، يساعد النوم على تعزيز الذاكرة والإبداع. تشير الأبحاث إلى أنّ الأطفال الذين يحصلون على نوم كافٍ قبل المدرسة يؤدّون بشكل أفضل أكاديميًا ويظهرون سلوكًا اجتماعيًا أكثر إيجابية.
تلاميذ المدرسة (6 إلى 12 سنة)
عندما يبدأ الطفل المدرسة، قد ينشغل بالواجبات والأنشطة، لكنّه لا يزال بحاجة إلى 9 إلى 12 ساعة يوميًا. للأسف، كثير من الأطفال في هذا العمر لا يحصلون على العدد الكافي بسبب التكنولوجيا أو السهر.

يظهر النقص في النوم في ضعف التركيز، وتراجع الأداء الدراسي، وزيادة الوزن بسبب اضطراب الهرمونات المسؤولة عن الشهية. من المهم جدًا إبعاد الأجهزة الإلكترونية قبل النوم بساعة على الأقل.
المراهقون (13 إلى 18 سنة)
قد تظنين أنّ المراهق يحتاج ساعات أقل، لكنّ العلم يثبت العكس. المراهقون بحاجة إلى 8 إلى 10 ساعات يوميًا على الأقل. ومع ذلك، معظمهم ينام أقل بسبب ضغوط الدراسة والتكنولوجيا.
ترتبط قلة النوم عند المراهقين بزيادة خطر الاكتئاب، والقلق، وحتى الحوادث المرورية بسبب ضعف التركيز. لذلك، من الضروري تشجيعهم على النوم مبكرًا وتنظيم وقتهم.
علامات نقص النوم عند الأطفال
حتى مع الالتزام بالجدول، قد يمرّ طفلكِ بفترات لا يحصل فيها على كفايته. ومن العلامات التي تشير إلى ذلك:
- صعوبة الاستيقاظ صباحًا.
- تشتت الانتباه في المدرسة.
- نوبات غضب متكرّرة.
- الميل إلى النوم في السيارة أو أثناء مشاهدة التلفاز.
إذا لاحظتِ هذه العلامات باستمرار، فربما يحتاج طفلكِ إلى عدد ساعات نوم أطول أو إلى تعديل في الروتين اليومي.
الخلاصة
من الواضح أنّ عدد ساعات النوم للأطفال يختلف بشكل كبير بين المراحل العمرية، لكنّ الثابت أنّ النوم الكافي ضروري لنمو صحي وسليم. الالتزام بالجدول المناسب لكلّ عمر، ومراقبة العلامات المبكرة لنقص النوم، هما خطوتان أساسيتان لضمان صحة طفلكِ النفسية والجسدية. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن كيفية التعامل مع الطفل الذي يريد كل شيء.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أعتبر أنّ النوم هو الهدية الأكبر التي يمكن أن تمنحيها لطفلكِ يوميًا. فهو ليس رفاهية بل ضرورة حياتية تُسهم في بناء شخصيته، وتطوير ذكائه، وحمايته من الأمراض. لذلك، اجعلي النوم أولوية في يومه تمامًا مثل الطعام والتعليم، وستلاحظين الفرق في طاقته وسعادته كل يوم.