يُعَدّ المشي اليومي الحلّ الذهبي لكل أم مشغولة تبحث عن وقت لنفسها من دون أن تُهمل عائلتها أو مسؤولياتها. فهو تمرين بسيط، ومجاني، ويمكنكِ دمجه بسهولة في روتينك اليومي، حتى خلال ذهابك للتسوّق أو اصطحاب أطفالك إلى المدرسة. والأهم من ذلك، أنّ المشي يقدّم لجسمك فوائد صحية واضحة تبدأ بالظهور خلال الدقائق الأولى فقط.
في هذا المقال، سنبدأ بشرح أثر المشي بعد 15 دقيقة من ممارسته، ثم ننتقل إلى الفوائد الجسدية وتأثيرها على الراحة النفسية طويلة المدى. ونتحدث بعدها عن أسباب تفوّق هذه الرياضة البسيطة على التمارين الأخرى في حياة الأم المشغولة. سنختم بتقديم نصائح عملية تساعدكِ على إدخال المشي إلى يومك بسهولة ومن دون ضغوط.
ماذا يحصل لجسمك بعد 15 دقيقة فقط؟
من المهم أن تعرفي أنّ ممارسة المشي اليومي لا تحتاج إلى ساعات حتى يمنحك نتائج. فبعد 15 دقيقة فقط من الحركة، يبدأ جسمكِ بإفراز مادة “الإندورفين”، وهي المسؤولة عن تحسين المزاج وتخفيف التوتر. هذا يعني أنكِ ستشعرين بالراحة النفسية والتركيز فورًا تقريبًا.
أيضًا، يبدأ القلب بالعمل بشكل أكثر كفاءة، وتزداد سرعة الدورة الدموية، ممّا يُحسّن من توصيل الأكسجين إلى الخلايا. وهذا ينعكس مباشرة على نشاطك الجسدي وقدرتك على أداء المهام اليومية. بحسب دراسة نُشرت
في Harvard Health Publishing، المشي المنتظم ولو لفترات قصيرة، يُقلّل من خطر الإصابة بأمراض القلب بنسبة تصل إلى 30%.
المشي يحسّن صحة القلب ويُنظّم السكر
الكثير من الأمهات يعانين من ضغوط تؤثر على القلب والضغط والسكر. هنا يأتي دور المشي اليومي كعامل حماية أساسي. فهو يقلّل من الكوليسترول الضار، ويرفع نسبة الكوليسترول الجيد في الدم. مما يحمي القلب من التصلب والتعب.
علاوةً على ذلك، المشي يحسّن من استجابة الجسم للأنسولين، ما يجعله مفيدًا جدًا في الوقاية من السكري من النوع الثاني. وقد نشرت American Diabetes Association تقريرًا يؤكد أن المشي بعد الوجبات يساعد في خفض مستوى السكر بشكل فعّال. خصوصًا لدى النساء في مرحلة ما بعد الولادة أو في منتصف العمر.
تعزيز المزاج والتوازن النفسي
من أبرز فوائد المشي اليومي أنّه يُعتبر علاجًا طبيعيًا للقلق والاكتئاب. فهو يُحفّز الدماغ على إنتاج السيروتونين، المعروف باسم “هرمون السعادة”. وهذا مفيد جدًا للأمهات اللواتي يعانين من إرهاق نفسي بسبب ضغوط الحياة اليومية.
أيضًا، المشي يساعدكِ على تصفية الذهن واستعادة التركيز. مجرد الخروج إلى الهواء الطلق، والسير بهدوء حتى 20 دقيقة، يمنح الدماغ فرصة للهدوء، ويُقلّل من مستويات هرمون الكورتيزول المرتبط بالتوتر. وقد أثبتت دراسة من جامعة Stanford أن ممارسة المشي في الطبيعة تُضاعف القدرة على التفكير الإبداعي. وهذا مهم خصوصًا للأمهات العاملات أو المهتمات بتطوير الذات.
المحافظة على الوزن من دون حرمان
في زحمة الأعمال اليومية، يصعب على الأم الالتزام بجداول رياضية أو برامج غذائية صارمة. لكن مع المشي اليومي، يصبح الأمر أسهل بكثير. فالمشي لمدة 30 دقيقة يوميًا يُساعد في حرق الدهون المتراكمة، خصوصًا في منطقة البطن والأرداف.
لا يحتاج المشي إلى ملابس خاصة أو اشتراك في نادٍ رياضي. فقط اختاري حذاءً مريحًا، وابدئي بالمشي يوميًا في نفس الوقت. ومع الانتظام، ستلاحظين انخفاضًا تدريجيًا في وزنك، من دون الحاجة إلى بذل مجهود شاق أو حرمان غذائي.
وقد أظهرت دراسة نشرت في Obesity Journal أن النساء اللواتي مارسن المشي يوميًا لمدة 12 أسبوعًا خسرن من دهون الجسم أكثر من اللواتي اعتمدن فقط على الحمية من دون ممارسة نشاط بدني.
أفضل رياضة للأمهات المشغولات
لماذا يُعتبر المشي اليومي الخيار الأمثل للأمهات؟ أولًا، لأنه لا يحتاج إلى وقت طويل. يمكنكِ تقسيمه على فترات قصيرة طوال اليوم، مثلًا: 10 دقائق صباحًا، و10 دقائق خلال وقت الظهيرة، و10 دقائق بعد العشاء.
ثانيًا، يمكنكِ دمجه في الروتين العائلي: أثناء اصطحاب أطفالكِ إلى المدرسة، أو خلال تمشية الرضيع بعربته. ثالثًا، لا يتطلّب معدات أو تجهيزات، ما يجعله متاحًا في أي وقت وأي مكان.
وأخيرًا، هو رياضة لطيفة على المفاصل ولا تُسبّب التعب، ما يجعله مثاليًا خصوصًا بعد الولادة أو في مراحل الإرضاع. حيث تكون طاقة الأم محدودة وتحتاج إلى ممارسة نشاط بسيط وغير مرهق.
الخلاصة
لا يُعَدّ المشي اليومي مجرّد نشاط جسدي بسيط، بل هو أسلوب حياة فعّال لكل أم تريد أن تهتم بنفسها من دون أن تُهمل بيتها. تظهر نتائجه من أول 15 دقيقة، وتستمر على المدى الطويل لتحسين صحّتك النفسية والبدنية، وتقوية مناعتك، وتنظيم وزنك، وحتى تعزيز ثقتك بنفسك.
احرصي على جعله عادة يومية. ابدأي بخطوات بسيطة، وسترين كيف يتغيّر يومك بالكامل. كل دقيقة تمشينها هي استثمار في صحتكِ وسعادتكِ. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن اضرار إدمان الشاشات.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أن المشي اليومي هو الهدية المجانية التي تقدمينها لنفسكِ في كل يوم. لا يتطلّب تفرغًا، ولا يكلّف شيئًا، لكنّه يمنحكِ شعورًا بالراحة، وينقلكِ من التوتر إلى التوازن بخطوات بسيطة. أنصح كل أم بأن تبدأ من اليوم، ولو بخمس دقائق فقط، فكل مشوار صغير يصنع فرقًا كبيرًا في صحتكِ وحياتكِ.
