يُعَدّ جدول زيادة الوزن للحامل دليلًا مهمًّا لكلّ امرأة ترغب في الحفاظ على حملٍ صحي ومتوازن. فزيادة الوزن ليست مجرّد رقم على الميزان، بل هي مؤشّر حيويّ على سلامة نموّ الجنين في الرحم، وصحّة الأم الجسديّة والغذائيّة. من هنا، لا بدّ لكلّ حامل أن تفهم المعدّل المثالي لزيادة وزنها شهريًّا لتجنّب أيّ مضاعفات محتملة. سواء من نقصٍ في الوزن أو من زيادته المفرطة.
في هذا المقال، سنعرض لكِ تفاصيل دقيقة حول جدول زيادة الوزن للحامل حسب الأشهر، استنادًا إلى توصيات منظّمة الصحّة العالميّة (WHO) والكلية الأميركيّة لأطباء النساء والتوليد (ACOG). كما سنشرح الفروق بين النساء ذوات البنية النحيفة أو الممتلئة قبل الحمل، وسنوضح العوامل التي تؤثّر في الزيادة الطبيعيّة، وكيف يمكن تنظيمها بطرق علميّة آمنة.
الأسس العلميّة لزيادة الوزن أثناء الحمل
في بداية الحمل، يتغيّر الجسم تدريجيًّا ليتكيّف مع وجود الجنين، فيزداد حجم الرحم، ويتضاعف حجم الدم، وتبدأ الغدد اللبنية بالتحضير للإرضاع. تشير الدراسات العلميّة الحديثة الصادرة عن Mayo Clinic (2024) إلى أنّ الزيادة الطبيعيّة تعتمد على مؤشر كتلة الجسم (BMI) قبل الحمل.

فالمرأة النحيفة (BMI أقلّ من 18.5) تحتاج إلى زيادة تتراوح بين 12.5 و18 كيلوغرامًا خلال الحمل الكامل. بينما تحتاج المرأة ذات الوزن الطبيعي (BMI بين 18.5 و24.9) إلى ما بين 11.5 و16 كيلوغرامًا. أما من تعاني زيادة في الوزن قبل الحمل (BMI بين 25 و29.9)، فيُفضّل ألّا تتجاوز الزيادة 11.5 كيلوغرامًا. في حين يجب على المرأة المصابة بالسمنة الحدّ من الزيادة إلى ما بين 5 و9 كيلوغرامات فقط.
هذه الأرقام ليست عشوائيّة، بل مستندة إلى دراسات طويلة الأمد أثبتت أنّ تجاوز هذه المعدّلات قد يرفع خطر سكّري الحمل، وارتفاع ضغط الدم، وصعوبات الولادة. لذلك، من المهمّ أن تتّبعي جدول زيادة الوزن للحامل كمرجعٍ علميٍّ دقيق.
جدول زيادة الوزن للحامل حسب الشهر
يُقسَّم الحمل عادة إلى ثلاث مراحل رئيسة، ولكلّ مرحلة معدّل مختلف من الزيادة الطبيعيّة. في الأشهر الثلاثة الأولى، تكون الزيادة طفيفة لا تتجاوز عادة 1 إلى 2 كيلوغرامًا فقط. وذلك بسبب الغثيان، وضعف الشهية، وتغيّرات الهرمونات.
أمّا في الثلث الثاني من الحمل (من الشهر الرابع حتى السادس)، فتبدأ الزيادة الفعليّة حيث يزداد وزن الجنين بسرعة، وتخزّن الأم الدهون والسوائل الضروريّة لتغذية الجنين. في هذه المرحلة، يُتوقّع أن تزداد المرأة نحو 4 إلى 6 كيلوغرامات.
وفي الثلث الأخير (من الشهر السابع حتى التاسع)، تكون الزيادة أكثر وضوحًا. إذ يكتسب الجنين حوالي نصف كيلوغرام أسبوعيًّا في بعض الحالات. في نهاية الحمل، قد تصل الزيادة الإجماليّة إلى 11–16 كيلوغرامًا عند النساء ذوات الوزن الطبيعي قبل الحمل.
ولتوضيح الصورة أكثر، يُلخَّص جدول زيادة الوزن للحامل تقريبًا كالتالي:
الشهر | الزيادة التقريبية بالكيلوغرام |
---|---|
الأوّل – الثالث | 1–2 |
الرابع | 0.5–1 |
الخامس | 1–1.5 |
السادس | 1–1.5 |
السابع | 1.5 |
الثامن | 1.5 |
التاسع | 1–2 |
هذا الجدول يُساعدكِ على مراقبة تطوّر وزنكِ بطريقة علميّة، ويسهّل على الطبيب تقييم نموّ جنينكِ وصحّتكِ الغذائيّة في كلّ مرحلة.
العوامل التي تؤثّر في معدل الزيادة
تختلف الزيادة من امرأة إلى أخرى بسبب عدّة عوامل متداخلة. فالنظام الغذائي، والنشاط البدني، وعدد الأجنّة (حمل واحد أو توأم)، وحال الهرمونات، جميعها تؤدّي دورًا رئيسًا. على سبيل المثال، تُظهر الدراسات أنّ الحامل بتوأم قد تحتاج إلى زيادة إضافيّة تتراوح بين 16 و24 كيلوغرامًا لضمان نموّ متوازن لكلا الجنينين.

كذلك، يُعَدّ نمط الحياة عاملًا مهمًّا جدًا. فالحركة المنتظمة، مثل المشي اليوميّ أو تمارين اليوغا المخصّصة للحامل، تساهم في الحفاظ على زيادة صحّية من دون مبالغة. في المقابل، الخمول أو الإفراط في تناول الأطعمة الغنيّة بالدهون المشبعة قد يؤدّي إلى زيادة غير طبيعيّة يصعب التخلّص منها بعد الولادة. لذلك، من الضروري المتابعة الدورية مع الطبيب لضبط المسار وفق جدول زيادة الوزن للحامل المثالي.
المخاطر الناتجة عن الزيادة المفرطة أو النقص
تُعتبر المراقبة الدقيقة للوزن أمرًا جوهريًّا، لأنّ الزيادة المفرطة قد تُعرّض الحامل لمشكلات مثل سكّري الحمل، وارتفاع ضغط الدم، والولادة القيصريّة. كما أنّ الوزن الزائد قد يسبّب تضخّم الجنين، ما يجعل الولادة أكثر صعوبة.
في المقابل، نقص الوزن قد يؤدّي إلى ولادة طفل منخفض الوزن أو يعاني تأخّرًا في النموّ داخل الرحم. وتشير الأبحاث المنشورة في The American Journal of Obstetrics and Gynecology (2023) إلى أنّ الأطفال المولودين لأمهات لم يكتسبن الوزن الكافي أكثر عرضة للمعاناة من مشاكل في المناعة والنموّ العصبي. لذلك، فإنّ الالتزام بمتابعة الوزن شهريًّا، وفق جدول زيادة الوزن للحامل، يُعتبر من أبسط وأهمّ الخطوات لحماية الأم والجنين.
نصائح علميّة للحفاظ على وزن صحيّ أثناء الحمل
لكي تحافظي على زيادة مثاليّة ومتوازنة، احرصي على تناول وجبات غنيّة بالبروتينات، والخضروات، والحبوب الكاملة، والدهون الصحية. ابتعدي عن السكريات المكرّرة، والمشروبات الغازية، والأطعمة المقلية. كما يُنصح بشرب كميات كافية من الماء للحفاظ على توازن السوائل، وتقليل الانتفاخ.

ولا تنسي ممارسة النشاط البدني الخفيف بانتظام، بعد استشارة الطبيب، لأنّ الحركة تساعد على تنشيط الدورة الدموية، وتحسين المزاج، والحدّ من زيادة الدهون غير المرغوب فيها. بالإضافة إلى ذلك، احرصي على النوم الكافي، لأنّ قلة النوم تؤثّر سلبًا في الهرمونات المسؤولة عن الشهيّة والتمثيل الغذائي.
الخلاصة
في الختام، يمكن القول إنّ جدول زيادة الوزن للحامل ليس مجرّد أداة رقميّة، بل هو مرآة دقيقة لصحتكِ وصحّة جنينكِ. الالتزام بالمعدّل المثالي للزيادة خلال الأشهر التسعة يضمن ولادة آمنة، وجسمًا متوازنًا بعد الولادة، ونموًّا سليمًا للطفل. تذكّري دائمًا أنّ التوازن هو المفتاح: لا إفراط ولا تفريط. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن علاج سكر الحمل بخطوات طبيعية تحميكِ وتحمي جنينكِ.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أنّ معرفة المرأة بجسمها، ومتابعتها الدقيقة لوزنها منذ بداية الحمل، يمنحانها شعورًا بالتحكّم والثقة، ويجعلانها أكثر وعيًا في اتخاذ قراراتها الغذائيّة. فالحمل رحلة جميلة، والاهتمام بالتفاصيل العلميّة، مثل جدول زيادة الوزن، يجعلها أكثر أمانًا، وامتلاءً بالحياة والسعادة.