هل تعبتِ من علاقةٍ تقدّمين فيها كل شيء من دون مقابل؟ أَتشعُرين أن الشريك يَأخُذ ولا يُعطي؟ إن كنتِ تمرّين بهذه المشاعر، فاعلَمي أن السبب الأعمق غالبًا هو فقدان توازن العلاقة.لا تقوم العلاقات الصحيّة على جانب واحد فقط، بل على تبادل المحبّة والإهتمام والتفاهم بين الزوجين. لذلك، لا تعني إعادة التوازن التخلي عن الحب، بل تعني أن تُحِبّي نفسك كما تحبّين الآخرين.
في هذا المقال، سنبدأ أولًا بشرح مفهوم توازن العلاقة، ثم ننتقل إلى الإشارات التي تدل على غيابه، وبعدها نطرح الحلول الواقعية لإستعادة هذا التوازن. كما سنَعرض لكِ بعض النصائح المدروسة المدعومة بأبحاث علمية لتطبيقها فوراً.
لماذا تختل العلاقات رغم وجود الحب؟
الحب وحده لا يكفي لبناء علاقة مستقرة ومتوازنة. تعتقد المرأة في الكثير من الأحيان، أن الحب كافٍ لإنجاح العلاقة، لكن الواقع يُثبت العكس. بحسب دراسة نُشرت في مجلة Psychological Science، فإن العلاقات التي تفتقر إلى التبادل العادل في الجهد والدعم، تفشل حتى لو كان الحب موجودًا. فالحب قد يكون الشرارة، لكن ما يُبقي العلاقة حيّة هو التوازن، والاحترام، والتواصل اليومي.

عندما لا يُترجم الحب إلى أفعال، ويتحول أحد الطرفين إلى “مانح دائم”، يتسلّل الإحباط تدريجيًا. تشعر المرأة أنها غير مرئية، حتى لو كانت العلاقة قائمة ظاهريًا. وهذا ما يفسّر لماذا تنهار علاقات كثيرة رغم وجود مشاعر قوية. لذلك، لا بد من تعزيز توازن العلاقة ليبقى الحب صحيًا، ويحمل الطرفين إلى النمو لا الاستنزاف.
علامات واضحة على غياب التوازن
هل تشعرين أنكِ دائمًا البادئة في كل شيء؟ هذه إشارة خطيرة.
من السهل تجاهل علامات الخَلل في العلاقة، خصوصًا عندما نُحب. لكن هذه أبرز العلامات:
- أنتِ من تبادرين دائمًا في الاتصال، والرسائل، وترتيب اللقاءات.
- يشعر الشريك بالضيق عندما تطلبين الدعم أو الاهتمام.
- تشعرين بالإرهاق العاطفي بسبب تقديمك المستمر من دون رد.
- تبدأين بالتقليل من قيمة مشاعرك خوفًا من “إزعاج” الطرف الآخر.
أظهرت دراسة من جامعة كاليفورنيا أن العلاقات غير المتوازنة ترفع مستويات الكورتيزول (هرمون التوتر) لدى الطرف الذي يعطي أكثر.
خطوات عملية لاستعادة التوازن
تبدأ استعادة توازن العلاقة بخطوة شجاعة واحدة منكِ. استعادة التوازن لا تعني خلق صراع، بل تعني استعادة حقكِ في علاقة صحية. إليكِ بعض الخطوات:

- قيمي العلاقة بهدوء: اسألي نفسك، هل هذه العلاقة تريحني أم ترهقني؟
- تحدثي بوضوح: عبّري عن مشاعرك من دون لوم، واطلبي من الشريك أن يُظهر الاهتمام بطرق واضحة.
- ضعي حدودًا واضحة: لا تقبلي تقبلي دائمًا بإهمال الزوج . كوني واضحة في ما تتوقّعينه.
- أعيدي الاتصال بذاتك: خصّصي وقتًا لنفسك، واهتمي باحتياجاتكِ الشخصية بعيدًا عن العلاقة.
- قلّلي المبادرات الأحادية: اتركي مجالًا للطرف الآخر ليبادر. إن لم يفعل، فهذه رسالة واضحة.
الدعم النفسي والعلمي مهمّ في هذه المرحلة
يؤكّد العلم أن إدراك الذات يُحسّن العلاقات العاطفية.
وُجِد في دراسة نُشرت عبر Personality and Social Psychology Review، أن الأشخاص الذين يدركون احتياجاتهم العاطفية ويعبّرون عنها بوضوح، يعيشون علاقات أكثر توازنًا واستقرارًا. كذلك، التحدث مع مختصّة نفسية أو مرشدة علاقات قد يُساعدك على فهم استراتيجيات العلاقة بشكل أعمق.
يشير العلم أيضًا إلى أن العلاقات المتوازنة تُقلّل من خطر الإصابة بالاكتئاب والشعور بالقلق. فعندما نَشعر أننا محبوبون بصدق، يرتفع لدينا هرمون الأوكسيتوسين المعروف بهرمون الترابط والسعادة.
هل يحق لكِ أن تطلبي توازن العلاقة؟
طلب التوازن ليس أنانية، بل وعي بحقكِ العاطفي. تعتقد كثير من النساء أن طلب التقدير أو إعادة التوازن هو نوع من “الأنانية” أو المبالغة، لكن الحقيقة أنّ توازن العلاقة من أساسيات العلاقات السليمة. من الطبيعي أن تشعري بالحاجة إلى الاهتمام، والإنصات، والدعم في الأوقات الصعبة. كما أنه من حقّكِ أن تشعري أن وجودك له قيمة، وأنك لست فقط وسيلة لإرضاء الآخر.

تؤكّد الأبحاث النفسية الحديثة أن احترام الذات يرتبط مباشرة بجودة العلاقة العاطفية. عندما تُهمِّش المرأة مشاعرها وتُؤجِل حاجاتها، فإنها تُعرِض نفسها لاختلال داخلي يُؤثر سلبًا على صحتها النفسية والجسدية. لذلك، لا تخجلي من طلب التوازن، بل اجعليه شرطًا أساسيًا في كل علاقة تختارينها. التوازن ليس رفاهية، بل ضرورة.
الخلاصة
العلاقات ليست سباقًا لمن يعطي أكثر. عندما تُصبح العلاقة عبئًا نفسيًا، وتتحولين إلى “مُزوِد دائم” للطاقة والدعم دون مقابل، فهذا إنذار يجب التوقف عنده. استعادة توازن العلاقة لا تعني الرحيل دائمًا، بل أحيانًا تكون خطوة لإصلاح ما تهدّم. ولكن، إن لم يتغيّر الطرف الآخر، فربما تستحقين بداية جديدة تعيد لكِ سلامك الداخلي. مع العلم أنّنا سبق وكشفنا لك عن قانون الجذب في الحب.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أنّ المرأة التي تُدرك أن حبّها لذاتها لا يقل أهمية عن حبّها لشريكها، هي التي تعرف كيف تُعيد توازن العلاقة دون أن تفقد أنوثتها أو كرامتها. إن التصرف بحَزم لا يعني القسوة، بل هو تعبير ناضج عن الوعي الذاتي. كل امرأة تستحقّ علاقة قائمة على التكافؤ والاهتمام الصادق، لا على الاستغلال العاطفي أو الإهمال الممنهج.