تُعَدّ اسباب زيادة ماء الجنين من أكثر التساؤلات التي تطرحها النساء الحوامل في عيادات المتابعة الطبية. فارتفاع كمية السائل الأمنيوسي المحيط بالجنين قد يبدو للوهلة الأولى أمرًا بسيطًا، لكنه في بعض الحالات قد يُنذر بوجود مشكلة تحتاج إلى متابعة دقيقة. السائل الأمنيوسي ليس مجرد ماء يحيط بالجنين؛ بل هو عنصر حيوي يوفّر له الحماية، ويسمح بنمو أعضائه بشكل طبيعي.
في هذا المقال، سنسلّط الضوء على اسباب زيادة ماء الجنين وفقًا لأحدث الأبحاث العلمية. كما سنشرح كيف يمكنك الوقاية من هذه الحالة، وسنقدّم نصائح طبية لضمان حمل آمن. سنعرض أيضًا كيف يتم تشخيص هذه الحال ومتى يجب القلق. تابعي القراءة لتفهمي الصورة كاملة.
ما هو السائل الأمنيوسي؟
السائل الأمنيوسي هو السائل الشفاف الذي يملأ الكيس الأمنيوسي المحيط بالجنين. يبدأ إنتاج هذا السائل بعد أسبوعين تقريبًا من حدوث الحمل. وتزداد كميته تدريجيًا ليصل إلى ذروته بين الأسبوعين 32 و36 من الحمل.

وظائفه عديدة، منها:
- حماية الجنين من الصدمات الخارجية
- تسهيل حركته داخل الرحم
- السماح بتطوّر الرئتين والجهاز الهضمي بشكل طبيعي
- المحافظة على درجة حرارة مستقرة للجنين
عندما تزيد كمية هذا السائل عن الحد الطبيعي، تتحدّث الدراسات عن حال تُسمى “Polyhydramnios”. وتقدَّر نسبة حدوثها بما بين 1% إلى 2% من إجمالي حالات الحمل (Magann et al., 2007).
اسباب زيادة ماء الجنين الأكثر شيوعًا
من المهم أن تفهمي أن هذه الحال قد تنتج عن مجموعة من الأسباب المتنوعة. في ما يلي أبرزها:
1- سكري الحمل
يُعدّ سكري الحمل من أكثر اسباب زيادة ماء الجنين شيوعًا. إذ يؤدّي إلى ارتفاع مستويات السكر في دم الأم، مما يؤدي إلى زيادة كمية البول التي يطرحها الجنين في السائل الأمنيوسي. وفقًا لدراسة منشورة
في American Journal of Obstetrics & Gynecology، تعاني 20%-25% من النساء المصابات بسكري الحمل من زيادة السائل الأمنيوسي (Magann et al., 2007).
2- التشوهات الخلقية لدى الجنين
بعض التشوهات الخلقية، خاصة تلك التي تؤثر في الجهاز الهضمي أو العصبي، تمنع الجنين من ابتلاع السائل الأمنيوسي، مما يؤدي إلى تراكمه. أشهر الأمثلة: انسداد المريء أو الفتحة العصبية المفتوحة.
3- الحمل بتوأم
في حالات الحمل بتوأم، خصوصًا في التوأم المتطابق الذي يشترك في المشيمة، قد يحدث عدم توازن في توزيع السائل بين الجنينين. فيصبح لدى أحدهما كمية زائدة.
4- الالتهابات داخل الرحم
قد تؤدّي المعاناة من بعض الالتهابات الفيروسية أو البكتيرية إلى تحفيز المشيمة على إنتاج مزيد من السائل.
5- أسباب غير معروفة
في ما يقارب 50%-60% من الحالات، تبقى اسباب زيادة ماء الجنين مجهولة رغم كل الفحوصات الطبية.
ما هي مخاطر زيادة ماء الجنين؟
مع أن الحالة قد تمرّ بدون مضاعفات في بعض النساء، إلا أن لها مخاطر محتملة يجب التنبه لها.

1- الولادة المبكرة
قد يتمدّد الرحم بشكل مفرط بسبب زيادة السائل، مما قد يؤدي إلى حدوث انقباضات مبكرة.
2- انفجار الأغشية المبكر
إنّ زيادة الضغط داخل الرحم ترفع خطر تمزق الأغشية قبل الأوان.
3- مشاكل أثناء الولادة
إنّ وجود كميات كبيرة من السائل قد يزيد من احتمال تعرّض الحبل السري للانضغاط أو الانزلاق أثناء الولادة.
4- مشاكل تنفسية للجنين
في حالات نادرة، إذا سبّبت زيادة السائل تأخّر تطور الرئتين، قد يُولد الجنين وهو يعاني من صعوبات في التنفس.
كيف يتم تشخيص الحالة؟
يبدأ التشخيص عادةً عندما يشك الطبيب بزيادة في حجم الرحم مقارنة بعمر الحمل. يتم التأكد باستخدام:
- السونار (الموجات فوق الصوتية): لقياس مؤشر السائل الأمنيوسي (AFI) أو عمق الجيب الأقصى.
- اختبارات سكري الحمل: للتأكد من وجود أي خلل في نسبة السكر.
- فحوصات للكشف عن الالتهابات: عند الحاجة.
- فحوصات لتقييم صحة الجنين: مثل تخطيط قلب الجنين، وصور إضافية.
كيف يمكن تفادي اسباب زيادة ماء الجنين؟
رغم أن بعض الحالات لا يمكن الوقاية منها، إلا أن هناك استراتيجيات تقلّل من خطر حدوثها:

1- المتابعة الدقيقة للحمل
إنّ الالتزام بزيارات المتابعة المنتظمة يتيح للطبيب اكتشاف أي زيادة في حجم الرحم مبكرًا.
2- السيطرة على سكري الحمل
يساهم اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن وممارسة الرياضة في الحفاظ على معدلات السكر ضمن الحدود الطبيعية.
3- علاج الالتهابات بسرعة
الاهتمام بأي عوارض التهابية خلال الحمل يساعد على الوقاية من المضاعفات.
4- مراقبة الحمل بتوأم
في حالات الحمل المتعدد، يجب تكثيف المتابعة بالموجات فوق الصوتية لمراقبة كمية السائل حول كل جنين.
5- الاستشارة الطبية المبكّرة
عند الشعور بأيّ عوارض غير معتادة مثل زيادة سريعة في الوزن أو شعور بثقل كبير في البطن، يجب استشارة الطبيب فورًا.
ختامًا، تبقى اسباب زيادة ماء الجنين متعددة ومعقّدة. ليس من الضروري أن تعني هذه الحال وجود مشكلة خطيرة في كل مرة، لكن تجاهلها قد يؤدي إلى مضاعفات. لذا، الفهم الجيد لهذه الأسباب واتخاذ الإجراءات الوقائية المناسبة، يساهمان بشكل كبير في ضمان سير الحمل بأمان.ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن اسباب توقف نبض الجنين.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أن الوعي بهذه الحالة لا يجب أن يثير القلق بل يجب أن يدفع المرأة إلى تعزيز تواصلها مع الطبيب. كلّما زادت معرفتكِ بما قد يحدث خلال الحمل، زادت فرصكِ في أن تعيشي تجربة حمل أكثر أمانًا واطمئنانًا.