تُعتبَر اللحظات الأولى من حياة الطفل، عندما يفتح عينيه على العالم لأول مرة، من أكثر اللحظات إثارة للوالدين. ومع ذلك، قد لا يحدث هذا الاتصال البصري فورًا بعد الولادة، إذ يستغرق نظر الطفل وقتًا ليتطور ويتحسن. ففي البداية، يرى العالم من حولهم بألوانٍ محدودة، في درجات الأبيض والأسود فقط.
تشير الأبحاث إلى أنّ رؤية الطفل تستغرق عدّة أشهر للوصول إلى مستويات النضج الكاملة، حيث تتطوّر الأعصاب في الشبكية والمخ تدريجيًا. في هذا المقال، سنستعرض المراحل التي يمر بها تطور الرؤية لدى الطفل، ونقدم نصائح تساعدكِ في دعم هذه العملية المهمة. ممّا يضمن لطفلكِ رؤية سليمة وتمتعًا أكبر بالعالم من حوله.
تطوّر نظر الطفل في أوّل أياّم حياته
في الأيام الأولى من حياة الطفل، لا يتمكّن من رؤية التفاصيل بوضوح، إذ تكون رؤيته للعالم غير واضحة وفي درجات مختلفة من اللونين الأبيض والأسود فقط. هذا بسبب عدم اكتمال تطور الأعصاب التي تتحكم بالرؤية في الشبكية والدماغ. ويحتاج الطفل عدة أشهر حتى تتطور قدراته البصرية بالكامل ويتمكن من رؤية العالم بوضوحٍ أكثر.
بداية تطوّر النظر أثناء الحمل
تبدأ عمليّة تطوّر نظر الطفل قبل ولادته، حيث يكون لنمط حياة الأم أثناء الحمل تأثير كبير على صحّة العينين والمراكز البصرية في الدماغ. من المهمّ أن تحرص الأمّ على الحصول على التغذية السليمة وتجنّب التدخين والكحول، التي قد تؤدّي إلى مواجهة مشاكل بصرية خطيرة لدى الجنين. وحتّى الأدوية التي تبدو آمنة مثل الأسبرين يجب استشارة الطبيب قبل تناولها، لأنّها قد تؤدّي إلى المعاناة من مشاكل في النموّ البصري لدى الطفل.
رؤية الطفل بعد الولادة
بعد الولادة مباشرةً، يقوم الطبيب بفحص عيني الطفل للكشف عن وجود أيّ مشاكل بصريّة خلقيّة مثل المياه البيضاء. غالبًا ما يُوضع مرهم مضاد للبكتيريا لحماية عيني الطفل من أيّ عدوى. في هذه المرحلة، لا يتمكّن الطفل من التركيز على الأشياء القريبة، لكن لا داعي للقلق؛ فهذا تطوّر طبيعي.
تطور الرؤية في الشهر الأول
تحتاج عيون الأطفال حديثي الولادة إلى كمية كبيرة من الضوء للشعور بوجوده. لذا، يمكن ترك بعض الأضواء في غرفة نوم الطفل حتى لا يؤثر على نومه، ويُفضَّل تزيين الغرفة بألوان زاهية وأشكالٍ متباينة لتحفيز تطوّر النظر. في الأسبوع الأول، يمكن للأطفال رؤية بعض الألوان مثل الأحمر والبرتقالي والأصفر. لكنّهم يحتاجون مزيدًا من الوقت لتمييز اللونين الأزرق والبنفسجي.
الأشهر الثانية والثالثة: تطوّر حّدة النظر
مع بلوغ الطفل الشهرين والثلاثة، يصبح لديه رؤية أكثر وضوحًا ويبدأ في متابعة الأجسام المتحرّكة بعينيه. ممّا يعني تطور قدرة عينيه على العمل كفريق. يمكن للأهل تشجيع تطور الرؤية بوضع ألعابٍ متحرّكة زاهية الألوان في الغرفة أو تغيير موقع السرير بين الحين والآخر.
الأشهر من الرابعة إلى السادسة: تحسن التآزر البصري والحركي
بحلول الشهر السادس، تتحسن حدّة البصر بشكلٍ ملحوظ وتصبح رؤية الألوان مشابهة لتلك الخاصة بالبالغين. يتحسن التنسيق بين اليد والعين أيضًا، ممّا يساعد الطفل في الإمساك بالأشياء. وينصح بزيارة طبيب العيون للتأكّد من صحّة عيني الطفل واحتياجاته البصريّة.
الأشهر من السابعة إلى الثانية عشر: التنقل والإدراك البصري
عندما يبدأ الطفل في الزحف، تتطوّر قدرته على تقدير المسافات والإمساك بالأشياء بدقة أكبر. في هذا العمر، يصبح الطفل أكثر وعيًا ببيئته ويبدأ في التنسيق بين حركته وإدراكه البصري. يجب على الوالدين الحرص على توفير بيئة آمنة للطفل مع حماية المناطق التي قد تشكل خطرًا عليه مثل الأدراج والسلالم.
مشاكل النظر المحتملة للرضّع الخدّج
يكون الأطفال الذين يولدون قبل الأوان عرضة لمشاكل بصرية أكثر من غيرهم، مثل اعتلال الشبكيّة الخداجي، الذي قد يؤدّي إلى ضعف الرؤية أو حتى العمى. لذا، من المهمّ إجراء فحص للعين إذا وُلد الطفل قبل الأوان لتفادي أيّ مشاكل مستقبليّة.
بهذا المقال، نجد أنّ تطور النظر لدى الطفل أمر يتطلب الوقت والاهتمام من الوالدين لضمان تطور سليم، ممّا يعزّز من قدرة الطفل على استكشاف العالم من حوله بشكلٍ آمنٍ وصحي. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وأطلعناكِ على كيفيّة التأكّد من سلامة نظر طفلك الرضيع.