يشكّل النوم العميق والمنتظم خلال الحمل أحد أهمّ عناصر الراحة الجسدية والنفسية للمرأة الحامل. غير أنّ العديد من النساء يعانين من النوم المتقطّع أثناء الحمل. سواء بسبب تغيّرات الهرمونات أو ضغط الجنين على الأعضاء الداخلية أو القلق المتزايد مع اقتراب موعد الولادة. ومع أنّ هذا الاضطراب يبدو طبيعيًا في بعض المراحل، إلا أنّ الأبحاث الحديثة تربطه مباشرةً بارتفاع خطر الإصابة بضغط الدم الحملي ومضاعفاته.
تتناول هذه المقالة العلاقة بين النوم المتقطّع وصحة القلب والأوعية عند الحامل، مع توضيح أسباب اضطراب النوم، وطرق التعامل معه لحماية الأم والجنين من المخاطر المحتملة.
تأثير النوم المتقطّع على الجسم أثناء الحمل
تؤثر قلة النوم المتواصلة على عمل الجهاز العصبي والغدد الصماء، فتزداد إفرازات هرمونات التوتّر مثل الكورتيزول والأدرينالين. هذه الهرمونات ترفع ضغط الدم تدريجيًا وتجهد القلب. كذلك، يتباطأ عمل الكليتين، فيحتبس الجسم السوائل والصوديوم، فيرتفع الضغط أكثر. تشير دراسات من جامعة هارفارد للطب إلى أنّ الحوامل اللواتي ينمن أقل من ست ساعات متواصلة يواجهن خطرًا أعلى للإصابة بارتفاع الضغط بنسبة 40٪ مقارنةً باللواتي ينمن سبع إلى ثماني ساعات.
أسباب اضطراب النوم خلال الحمل
تتعدّد العوامل التي تُقلق نوم الحامل، منها ازدياد الوزن، وحرقة المعدة، وصعوبة إيجاد وضعية مريحة، إلى جانب القلق من الولادة. كما يسبّب التبوّل الليلي المتكرّر استيقاظًا متكرّرًا، ما يمنع الجسم من الدخول في مرحلة النوم العميق الضرورية لتجديد الطاقة وتنظيم ضغط الدم. ومع تقدّم الحمل، يتأثر التنفّس أيضًا نتيجة ضغط الجنين على الحجاب الحاجز، فيزداد انقطاع النفس الليلي وتقلّ فترات الراحة الفعلية.
مضاعفات ارتفاع الضغط على الأم والجنين
حين يرتفع الضغط خلال الحمل، يزداد خطر الإصابة بما يُعرف بتسمّم الحمل، وهي حال قد تهدّد حياة الأم والجنين معًا. كذلك، يتراجع تدفّق الدم إلى المشيمة، فيقلّ وصول الأوكسجين والعناصر الغذائية إلى الجنين. تشير الأبحاث الحديثة في المجلة الأمريكية لطب النساء والولادة إلى أنّ النساء اللواتي يعانين من اضطرابات نوم حادة أكثر عرضة للولادة المبكرة أو انخفاض وزن المولود.
خطوات لتحسين جودة النوم وتقليل المخاطر
تساعد بعض التغييرات البسيطة على تحسين النوم أثناء الحمل. يمكن للحامل أن تحافظ على روتين نوم ثابت، وأن تتجنّب الكافيين قبل النوم. كما يُفضَّل الاستلقاء على الجانب الأيسر لتحسين تدفّق الدم إلى المشيمة، مع استخدام وسادة داعمة بين الساقين لتخفيف الضغط. علاوةً على ذلك، يساهم التنفّس العميق وتمارين التأمّل في تهدئة الأعصاب وتنظيم معدل ضربات القلب، ممّا يخفض ضغط الدم تدريجيًا.
يؤثّر النوم المتقطّع أثناء الحمل في توازن الجسم الهرموني والدوري، ويزيد خطر ارتفاع الضغط ومضاعفاته على الأم والجنين. لذلك، ينبغي لكل امرأة حامل أن تعطي نومها أولوية قصوى، وأن تستشير طبيبها عند تكرار الأرق والصداع أو الدوخة. الحفاظ على نوم متواصل وهادئ لا يمنح الراحة الجسدية فقط، بل يحمي حياة الأم والطفل معًا. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ أنّ ممارسة اليوغا أفضل وسيلة للحامل لتخفيف الشعور بالتوتّر والآلام.
 
                 
                          
 
               
               
               
               
               
               
               
               
               
               
              