تُعدّ اسباب نزيف الدورة من أكثر المواضيع التي تثير قلق النساء، لأنّ التغيّرات في كميّة الدم أو مدّة الحيض قد تكشف اضطرابًا خفيًّا في الصحّة النسائية. يظهر النزيف أحيانًا بشكل غزير، أو يمتدّ أكثر من المعتاد، أو يتكرّر في أوقات غير منتظمة. وتشير الدراسات الحديثة إلى أنّ ٣٠٪ من النساء في سنّ الإنجاب يواجهن نزيفًا غير طبيعي مرّة واحدة على الأقلّ خلال حياتهنّ. ما يجعل فهم الأسباب أمرًا ضروريًّا للحفاظ على التوازن الهرموني وسلامة الجهاز التناسلي.
يهدف هذا المقال إلى توضيح اسباب نزيف الدورة الأكثر شيوعًا والمحتملة من منظور طبيّ وعلميّ. مع عرض المخاطر والعلامات التحذيريّة التي تستدعي استشارة الطبيب فورًا. كما يشرح المقال كيف يمكن للمرأة التمييز بين النزيف الطبيعيّ والدالّ على مشكلة صحيّة خطيرة. مع تقديم نصائح تساعد على المتابعة الوقائيّة والتشخيص المبكر. مع العلم أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن اهمية الغذاء الصحي لصحة هرموناتكِ وانتظام دورتكِ الشهرية.
يختلّ الهرمون فيتغيّر تدفّق الدم
يتسبّب اضطراب الهرمونات في معظم حالات النزيف غير الطبيعي. يفرز الجسم هرموني الإستروجين والبروجستيرون لتنظيم دورة الطمث، وعندما يختلّ توازنهما، يزيد نمو بطانة الرحم بشكل مفرط. وبعد ذلك، تنفصل هذه البطانة بكمّية دم أكبر من المعتاد.

تشير أبحاث Mayo Clinic إلى أنّ المعاناة من متلازمة المبيض متعدّد الكيسات (PCOS) واضطرابات الغدّة الدرقية تسبّب هذا الاختلال الهرموني. كما يلاحظ الأطباء أنّ الفتيات في بدايات البلوغ والنساء قرب سنّ اليأس يعانين اضطرابات مماثلة بسبب تغيّر الهرمونات الطبيعي مع العمر.
يُظهر الجسم إشارات واضحة مثل تأخّر الدورة أو تقدّمها، وزيادة غزارة الدم أو قلّته، أو خروج تجلّطات كبيرة، وجميعها علامات تستدعي متابعة طبيّة دقيقة.
تنمو الأورام الليفية وتضغط على الرحم
تشكّل الأورام الليفية أحد أبرز اسباب نزيف الدورة لدى النساء بين سنّ ٣٠ و٤٥ عامًا. تنمو هذه الكتل العضلية الحميدة داخل جدار الرحم، وتضغط أحيانًا على بطانته. ما يزيد مساحة الأوعية الدموية الممزّقة أثناء الطمث.
تُقدّر منظمة الصحّة العالمية (WHO) أنّ واحدة من كلّ أربع نساء تُصاب بأورام ليفية، وغالبًا ما تجهل وجودها لأنّها لا تسبب ألمًا في البداية. لكنّها تسبّب لاحقًا نزيفًا حادًّا أو متكرّرًا، وقد تؤدّي إلى فقر دم بسبب فقدان الحديد.
يُنصح بإجراء تصوير بالأمواج فوق الصوتية أو بالرنين المغناطيسي لتأكيد التشخيص. ويعتمد العلاج على حجم الورم ومكانه. إذ قد يصف الطبيب أدوية هرمونيّة لتقليصه، أو يلجأ للجراحة في الحالات الصعبة.
تصاب بطانة الرحم بالتهاب أو انزلاق
يشكّل التهاب بطانة الرحم أو الانتباذ البطاني الرحمي سببًا مهمًّا من اسباب نزيف الدورة التي تتطلّب علاجًا عاجلًا. يحدث الانتباذ عندما تنمو خلايا بطانة الرحم خارج مكانها الطبيعي، مثل المبيضين أو المثانة.

تسبّب هذه الحال آلامًا شديدة قبل الحيض وأثناءه، وقد ترافقها إفرازات داكنة أو دم بين الدورات. وتُظهر دراسات NIH أنّ نحو ١٠٪ من النساء في سنّ الإنجاب يعانين من هذه الحال من دون تشخيص دقيق لسنوات. ما يؤدي إلى تدهور الخصوبة أو التهاب مزمن في الحوض.
يصف الأطباء عادة أدوية لتخفيف الالتهاب أو تنظيم الهرمونات، وقد تُستخدم الجراحة لإزالة الأنسجة المهاجرة. المتابعة المنتظمة تضمن السيطرة على العوارض ومنع المضاعفات.
يؤدّي استخدام بعض الأدوية إلى زيادة النزيف
تؤثّر الأدوية أحيانًا في نمط الحيض وتُعتبر من اسباب نزيف الدورة التي تُغفلها كثير من النساء. تعمل مميّعات الدم مثل الأسبرين والوارفارين على تقليل التجلّط، ما يزيد مدّة النزيف.
كما تسبّب موانع الحمل الهرمونيّة، خصوصًا الحبوب التي تحتوي على جرعات مختلفة من الإستروجين، تغيّرًا مؤقّتًا في انتظام الدورة. وتُظهر أبحاث Cleveland Clinic أنّ الانتقال من نوعٍ من الحبوب إلى آخر أو التوقّف المفاجئ عنها قد يسبّب نزيفًا غير متوقّع.
لذلك، يجب استشارة الطبيب قبل تغيير أي دواء أو إيقافه، لأنّ الجسم يحتاج وقتًا ليعيد توازنه الهرموني بعد أي تعديل دوائي.
يشير النزيف المفرط أحيانًا إلى مرض خطير
يُعتبر النزيف الشديد أو المتكرّر إنذارًا مهمًّا قد يشير إلى أمراض خفيّة مثل اضطرابات تخثّر الدم أو السرطان الرحمي. يلاحظ الأطباء أنّ بعض أنواع سرطان بطانة الرحم تبدأ بنزيف بسيط بين الدورات، ثمّ تتفاقم مع الوقت.

تُعدّ اسباب نزيف الدورة الناتجة عن أمراض الدم نادرة، لكنها خطيرة، لأنّها تمنع تكوّن الجلطات الطبيعية. وتشمل هذه الاضطرابات نقص الصفائح الدموية أو أمراض الكبد المزمنة.
تُوصي الجمعيّات الطبيّة العالمية بضرورة مراجعة الطبيب إذا تجاوز النزيف سبعة أيّام، أو إذا احتاجت المرأة إلى تغيير الفوطة الصحية كلّ ساعة تقريبًا، أو لاحظت وجود كتل كبيرة. الكشف المبكر ينقذ الحياة ويمنع التعقيدات.
الخلاصة
يُظهر تحليل الأسباب أنّ النزيف غير الطبيعي لا يجب إهماله مطلقًا، لأنّه قد يكشف عن خلل بسيط في الهرمونات أو عن مشكلة أخطر تحتاج علاجًا فوريًّا. يساعد الوعي والمتابعة الدورية على التشخيص المبكر والعلاج السليم. كما يوصي الأطباء بالحفاظ على نمط حياة صحي يشمل تغذية متوازنة وغنية بالحديد، وممارسة الرياضة المعتدلة، والابتعاد عن التوتّر النفسي الذي يؤثّر في توازن الهرمونات. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن مدة تأخر الدورة الشهرية لمعرفة الحمل وما تكشفه لكِ من أسرار خطيرة.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أنّ الوعي النسائي المتزايد تجاه الجسم يُعدّ خطوة جوهرية نحو الوقاية. لا يجب على المرأة أن تعتبر النزيف أمرًا عابرًا أو طبيعيًّا دائمًا، بل عليها أن تلاحظ التغيّرات وتدوّنها وتستشير مختصّة نسائية عند الشكّ. إنّ التثقيف الصحّي يمكّن المرأة من حماية خصوبتها وصحتها العامة، ويمنحها القدرة على التصرّف بسرعة قبل تفاقم أي عارض.
 
                 
                          
 
               
               
               
               
               
               
               
               
               
               
              