لما ياسين لما ياسين 16-10-2025
الرضاعة من غير الام

أصبحت الرضاعة من غير الأم موضوعًا يثير نقاشًا واسعًا بين الناس، خصوصًا حين يتداخل فيه الطب والدين والإنسانية. هذا الموضوع لا يقتصر فقط على تغذية الطفل، بل يمتدّ إلى هوية الرضيع، وصحّته، وروابطه العائلية. في هذا المقال، سنقدّم نظرة شاملة ومبسّطة عن الرضاعة من غير الأم من الجانبين الطبي والفقهي. مع توضيح ما يقوله الأطباء، وما يراه الدين في هذا الشأن، بطريقة تفتح أمامكِ فهمًا أعمق لهذا القرار الحساس.

ias

سنقسّم المقال إلى خمسة محاور: في البداية نشرح الفكرة وأسباب اللجوء إليها، ثم ننتقل إلى المنافع الصحية. وبعدها إلى المخاطر المحتملة، ونتبع ذلك برأي العلماء والأطباء، ونختم بموقف الدين الإسلامي من المسألة، مع خلاصة شاملة في النهاية. مع العلم أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن علامات عدم شبع الطفل من الرضاعة الطبيعية.

تعريف الرضاعة من غير الأم وأشكالها الحديثة

تُعرَّف الرضاعة من غير الأم بأنّها تغذية الطفل بحليب امرأة أخرى غير والدته. وقد تكون هذه الرضاعة مباشرة من الثدي، أو عبر حليب محفوظ تمّ استخراجه وتعقيمه. هذا المفهوم ليس جديدًا؛ فقد عُرف منذ قرون تحت مسمّى “المرضعة” أو “المرضع البديلة”. وكانت النساء يُرضعن أبناء غيرهنّ بدافع المساعدة أو القرابة أو الأجر.

امرأة ترضع طفلها
الرضاعة الطبيعية من غير الأم

مع التقدّم الطبي، ظهرت بنوك الحليب التي تجمع حليبًا طبيعيًا من متبرّعات، ثمّ تُخضعه لعمليات فحص وتعقيم دقيقة. هذا الحليب يُقدَّم للأطفال المبتسرين أو المرضى الذين لا يمكن لأمهاتهم إرضاعهم. وقد أظهرت دراسات علمية نُشرت في Journal of Human Lactation أنّ حليب الأم المتبرّعة يحتوي مكوّنات مناعية ضرورية تقلّل من خطر العدوى وتُحسّن نمو الجهاز الهضمي لدى الرضّع.

إذًا، من الناحية الطبية، يُعَدّ الحليب البشري — حتى لو لم يكن من الأم نفسها — أفضل من الحليب الصناعي في كثير من الحالات. شريطة أن يخضع للفحص المخبري ويُقدَّم بطريقة آمنة.

أسباب اللجوء إلى الرضاعة من غير الأم

كثير من الأمهات قد يضطررن للبحث عن بديل طبيعي لحليبهنّ. ومن أبرز الأسباب:

  1. ضعف إفراز الحليب بسبب الولادة القيصرية، والاضطراب الهرموني، أو الإجهاد النفسي.
  2. إصابة الأم بمرض يمنعها من الإرضاع مثل التهاب الثدي أو تناول أدوية خطيرة على الطفل.
  3. وفاة الأم أو غيابها في بعض الحالات الإنسانية، حيث يصبح الطفل بحاجة ماسّة إلى بديل طبيعي.
  4. تبنّي طفل رضيع من دون وجود أم بيولوجية يمكنها الإرضاع.
  5. الاهتمام بزيادة المناعة الطبيعية عبر حليب بشري آمن بدلًا من الحليب الصناعي.

من الناحية النفسيّة، يرى أطباء الأطفال أنّ الرضاعة الطبيعية — حتى لو من امرأة أخرى — تعزّز الترابط الجسدي والعاطفي بين الرضيع والمرأة التي ترضعه. وتشير الأبحاث إلى أنّ ملامسة الجلد للجلد خلال الرضاعة تُحفّز هرمون الأوكسيتوسين المسؤول عن الشعور بالهدوء والأمان.

المخاطر والفوائد العلمية في الرضاعة من غير الأم

من المهم إدراك أن الرضاعة من غير الأم تحمل فوائد كبيرة، ولكن أيضًا مخاطر محتملة إذا لم تُنظَّم بطريقة علمية.

امرأة ترضع طفلها
فوائد وأضرار الرضاعة من غير الأم

أولًا – الفوائد العلمية:

  • الحليب البشري يحتوي أجسامًا مضادة تحمي الطفل من الالتهابات البكتيرية والفيروسية.
  • تركيبته الطبيعية تُناسب معدة الطفل ولا تُسبّب له مشاكل هضمية كما يفعل الحليب الصناعي.
  • الأطفال الذين يتلقّون حليبًا طبيعيًا يتمتعون بنموّ عصبي ومعرفي أفضل بحسب دراسات World Health Organization (WHO).

ثانيًا – المخاطر المحتملة:

  • انتقال أمراض مثل التهاب الكبد أو فيروس نقص المناعة في حال لم تُفحَص المتبرعة طبيًا.
  • احتمال حدوث التباس في النسب أو الرضاعة المحرّمة شرعًا إذا لم تُسجّل الحالات بدقة.
  • التأثير النفسي على الأم الأصلية في حال شعرت بأنّها غير قادرة على إرضاع طفلها بنفسها.

لهذا السبب، يشدّد الأطباء على ضرورة إنشاء مراكز مرخّصة لفحص الحليب المتبرَّع به، وضمان هوية المتبرعة وتاريخها الصحي، قبل تقديم الحليب لأيّ طفل آخر.

الموقف الديني من الرضاعة من غير الأم

في الإسلام، الرضاعة ليست مجرّد تغذية، بل رابطة نسبٍ معنوية. فقد قال الله تعالى: «وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم» (النساء: 23). أي أنّ الرضاعة تُنشئ قرابة تمنع الزواج بين الأطفال المرضَعين من المرأة نفسها.

رأي العلماء واضح: الرضاعة من غير الأم جائزة شرعًا إذا توفّرت شروط محددة، أهمّها أن تكون الرضاعة في سنّ الرضاعة (أقلّ من عامين)، وأن تُعرف المرأة المرضعة حتى لا تختلط الأنساب.
أمّا في ما يخصّ الحليب المستخرج من بنوك الحليب، فقد اختلف الفقهاء. فبعضهم يرى أنّه لا يجوز إذا اختلطت الألبان، لأنّ النسب يصبح غير واضح، بينما أجاز آخرون ذلك عند الحاجة الطبية الشديدة بشرط معرفة المتبرعة وهويتها.

أكّد دار الإفتاء المصرية والمجمع الفقهي الإسلامي أنّ حفظ حياة الطفل مقدَّم على المنع إذا لم توجد وسيلة أخرى لتغذيته، شريطة توثيق كل حالة توثيقًا دقيقًا.

إذًا، من المنظور الديني، الإسلام لا يمنع مساعدة طفلٍ في حاجة إلى الحليب. بل ينظّم العملية بما يضمن سلامة الطفل ونقاء النسب.

التوازن بين العلم والدين في تنظيم الرضاعة من غير الأم

في السنوات الأخيرة، سعت بعض الدول الإسلامية إلى إيجاد حلول تجمع بين القيم الدينية والاعتبارات الطبية.
ففي ماليزيا وتركيا، أُنشئت “بنوك حليب” تعمل وفق نظام صارم يتيح معرفة هوية المتبرعة، ويُمنع فيها خلط الألبان. هذا النظام يوفّر للأطفال الحليب الآمن ويحترم الضوابط الشرعية في الوقت نفسه.

امرأة ترضع طفلها
الرأي العلمي والديني للرضاعة من غير الأم

من الناحية الطبية، توصي الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال (AAP) بضرورة اعتماد الحليب البشري المأمون قبل اللجوء إلى التركيبات الصناعية. ومن الناحية الشرعية، تؤكّد الهيئات الإسلامية أنّ حياة الطفل ورعايته مسؤولية جماعية، وأنّ كلّ أمّ تستطيع المساهمة في إنقاذ طفلٍ عبر التبرع الآمن والمنظّم.

يثبت هذا التوازن بين العلم والدين أنّ الإنسانية يمكن أن تتفوّق على القيود، إذا وُجد الوعي والتنظيم. فالغاية الأساسية تبقى دائمًا حماية الطفل وتأمين أفضل تغذية له.

الخلاصة

إنّ موضوع الرضاعة من غير الأم يجمع بين الطب والدين والرحمة الإنسانية. فهو ليس مجرّد قرار طبي، بل فعل مسؤولية وأمانة. فحين تكون حياة الطفل في خطر، يصبح الحليب البشري — مهما كان مصدره — نعمة تنقذه من الهلاك. ومع تطوّر العلم، يمكن ضمان أمان هذا الحليب من خلال الفحوص الدقيقة والتنظيم الشرعي السليم. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن كيفيّة العناية بالطفل في عامه الأول.

وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أنّ الرضاعة من غير الأم يمكن أن تكون حلًّا إنسانيًا راقيًا حين تُدار بوعي واحترام للقواعد الشرعية. فالإسلام دين رحمة، والعلم وسيلة لحماية الحياة. وإذا اجتمع العلم والإيمان، تحقّق الهدف الأسمى: حفظ النفس والطفولة.

الأمومة والطفل الأم والرضيع الرضاعة الرضاعة الطبيعية رضاعة رضاعة طبيعية نصائح الأم والرضيع

مقالات ذات صلة

الأم العاملة
الأمومة والطفل الأم العاملة: كيف تواجهين التعب، الذنب، والإرهاق العاطفي؟
اعتمدي هذه الأساليب وغيّري حياتكِ!
كيف تعززين التواصل العائلي في وسط زحمة الحياة اليومية؟
الأمومة والطفل كيف تعززين التواصل العائلي في وسط زحمة الحياة اليومية؟ خطوات بسيطة تغيّر كل شيء!
نصائح ستغيّر حياتك!
كيف توازنين بين حبك لأطفالك وحاجتك لمساحة خاصة؟
الأمومة والطفل كيف توازنين بين حبك لأطفالك وحاجتك لمساحة خاصة؟ السرّ في هذه العادات البسيطة!
اتّبعي هذه الخطّة!
عن أول مرة بكيت بسبب طفلي
الأمومة والطفل عن أول مرة بكيت بسبب طفلي.. ومتى حسّيت إنني أم فعلًا
أم متعبة نفسيًا
الأمومة والطفل أم متعبة نفسيًا؟ خطوات بسيطة لتستعيدي توازنك
اتّبعي هذه النصائح..
بالفيديو، اسمحي لرضيعك ان يضع قدمه في فمه
الأم والرضيع بالفيديو، اسمحي لرضيعك ان يضع قدمه في فمه
اكتشفي الأسباب!
ليش ما أحب ألعب مع طفلي؟
الأمومة والطفل ليش ما أحب ألعب مع طفلي؟ عن الملل الطبيعي في الأمومة
اعتمدي هذه الخطوات!
طفلك يصرخ في الأماكن العامة؟
الأمومة والطفل طفلك يصرخ في الأماكن العامة؟ هذه الطرق تخفف التوتر وتحتوي الموقف
اتبعيها ولاحظي الفرق بنفسك!
طفلي يتعلّق فيني بشكل مفرط
الأمومة والطفل طفلي يتعلّق فيني بشكل مفرط.. هل هذا طبيعي؟
لا تتجاهلي هذه التصرّفات!
هل فقدتِ نفسك في زحمة الأمومة؟
الأمومة والطفل هل فقدتِ نفسكِ في زحمة الأمومة؟ خطوات لاسترجاع هويتكِ بهدوء
هذه الخطوات لكِ!
دعم الأب وقت الحمل والولادة
الحمل دعم الأب وقت الحمل والولادة: لحظات تبقى في قلب الأم للأبد
اليك أبرزها
أمهات بلا دعم
الأمومة والطفل أمهات بلا دعم… لماذا الأم تكون لوحدها بكل شيء
آثار نفسيّة غير مُتوقَّعة!

تابعينا على