لا تُعَدّ وضعيات نوم تخفف آلام الظهر للحامل مجرد نصائح جانبية، بل هي جزء أساسي من روتين الحمل الصحي. مع تقدّم الأشهر، يبدأ وزن الجنين بالضغط على العمود الفقري والعضلات، ما يسبب آلامًا مزعجة قد تعيق نومكِ ليلًا. ولأنّ النوم العميق ضروري لصحّتكِ وصحّة جنينكِ، فإن اختيار الوضعية الصحيحة يمكن أن يصنع فرقًا حقيقيًا في مستوى الراحة وجودة النوم.
في هذا المقال، سنعرض لكِ أهم الوضعيات المدعومة بالدراسات الطبية، وسنشرح لكِ لماذا يساعد اعتماد هذه الوضعيات على تخفيف الضغط على الظهر، وكيف تحافظ على تدفق الدم والأوكسجين. سننتقل بين فوائد كل وضعية، ونصائح عملية لتطبيقها، وأفكار داعمة تساعدكِ على الاستفادة القصوى منها حتى موعد الولادة.
النوم على الجانب الأيسر
يُعتبَر النوم على الجانب الأيسر الوضعية الأكثر توصية من قبل الأطباء للحامل. حيث أنّ اعتمادها يساعد على تحسين تدفق الدم بين القلب، والمشيمة، والجنين. كما تخفف الضغط عن العمود الفقري وتقلل من التشنجات العضلية التي تزيد الشعور بآلام الظهر.

تشير دراسة في American Journal of Obstetrics & Gynecology إلى أن النوم على الجانب الأيسر يحسّن من وصول المغذيات إلى الجنين، ويخفف من تورم القدمين الناتج عن ضغط الأوعية الدموية. وللاستفادة القصوى، ضعي وسادة بين ركبتيكِ لدعم الورك وتقليل الضغط على أسفل الظهر.
تقلّل هذه الوضعية أيضًا من احتمالية الشخير وصعوبات التنفس التي قد تواجهينها في الثلث الأخير من الحمل.
النوم مع دعم وسادة الحمل
وسائد الحمل الطويلة أو على شكل حرف U ليست رفاهية، بل هي أداة علاجية فعالة. عند وضع الوسادة خلف الظهر وأمام البطن، ستحصلين على دعم متكامل يقلل من الضغط على الفقرات القطنية.
بحسب مختصّي العلاج الطبيعي، هذا الدعم يمنع دوران الجسم غير المرغوب أثناء النوم، ما يحافظ على استقامة العمود الفقري. كما أن الوسادة تحافظ على استقرار منطقة الحوض، وهو أمر مهم لتجنب زيادة آلام الظهر.
يمكنكِ أيضًا استخدام وسادة صغيرة أسفل البطن لدعم وزن الجنين وتخفيف الشدّ على الأربطة.
تجنّب النوم على الظهر بعد الثلث الأول
قد يزيد النوم على الظهر لفترات طويلة من الضغط على العمود الفقري ويؤدّي إلى زيادة آلام الظهر. كما يمكن أن يضغط الرحم على الوريد الأجوف السفلي. ما يعيق تدفق الدم ويؤثّر على وصول الأوكسجين للجنين.

تحذّر الجمعية الأمريكية للحمل American Pregnancy Association من هذه الوضعية بعد الشهر الرابع. خاصّةً عند النساء اللواتي يعانين من آلام أسفل الظهر أو ضغط دم منخفض.
إذا وجدتِ نفسكِ تستيقظين على ظهركِ، لا تقلقي، فقط غيّري وضعيتكِ إلى الجانب الأيسر أو استخدمي وسادة خلف ظهركِ لمنع الانقلاب.
رفع الجزء العلوي من الجسم للنوم
هذه الوضعية مفيدة بشكل خاص إذا كنتِ تعانين من آلام الظهر المصاحبة لحرقة المعدة أو ضيق التنفس. برفع الجزء العلوي باستخدام وسائد إضافية، يتم تخفيف الضغط على العمود الفقري وتقليل توتر العضلات.
تشير الأبحاث في Journal of Back and Musculoskeletal Rehabilitation إلى أن رفع الجذع أثناء النوم يقلل من الضغط على الفقرات القطنية، ويمنح الحامل راحة إضافية في التنفس، خصوصًا في الثلث الأخير من الحمل.
يمكن دمج هذه الوضعية مع النوم على الجانب لزيادة الفائدة. خاصّةً إذا كنتِ تعانين من مشاكل في الدورة الدموية أو آلام شديدة.
تمارين الاسترخاء قبل النوم
لا تكتمل فائدة وضعيات نوم تخفف آلام الظهر للحامل بدون تحضير العضلات قبل النوم. تساعد ممارسة تمارين التمدد الخفيفة لعضلات أسفل الظهر والوركين على زيادة المرونة وتقليل التشنج الليلي.

يمكنكِ تجربة تمرين “وضعية الطفل” في اليوغا المعدّلة للحامل أو التمدد الجانبي اللطيف قبل النوم بعشرين دقيقة. كما أن التنفس العميق يساعد على إرخاء العضلات وتحسين جودة النوم.
إضافةً إلى ذلك، يمكن لحمام دافئ قبل النوم أن يهيئ عضلاتكِ لوضعيات النوم المريحة، ويمنحكِ إحساسًا عامًّا بالاسترخاء.
الخلاصة
إن اختيار وضعيات نوم تخفف آلام الظهر للحامل ليس مجرد مسألة راحة، بل هو جزء من رعاية صحية شاملة خلال فترة الحمل. فالنوم على الجانب الأيسر مع دعم وسادة الحمل، وتجنّب النوم على الظهر، ورفع الجزء العلوي من الجسم عند الحاجة، جميعها خطوات مدعومة بالعلم وتُحدث فرقًا ملموسًا في حياتكِ اليومية.
التوازن بين الوضعية الصحيحة والتحضير الجسدي قبل النوم يضمن لكِ ليالي أكثر هدوءًا ويخفف من الآلام التي قد ترافقكِ حتى الولادة. ومع الالتزام بهذه النصائح، يمكنكِ الاستمتاع بنوم مريح يحافظ على صحتكِ وصحة جنينكِ. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن الفرق بين حمل الطفل الواحد وحمل التوأم.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أن التزام الحامل بالوضعيات الصحيحة للنوم أمر لا يقل أهمية عن النظام الغذائي أو المتابعة الطبية. فالراحة الليلية تنعكس على صحتها النفسية والجسدية، وتؤثر بشكل مباشر على نمو الجنين. لذلك، أنصح كل حامل بأن تستثمر في وسادة حمل جيدة، وأن تتبنى وضعية النوم على الجانب الأيسر كعادة يومية، مع ممارسة تمارين استرخاء مسائية تمنحها نومًا عميقًا وراحة طوال الليل.