تُعَدّ اسباب توقف نبض الجنين من أكثر المواضيع التي تُثير القلق لدى الحوامل. سماع نبض قلب الجنين هو أحد أهم علامات حياة الطفل داخل الرحم. لكن في بعض الأحيان، ولأسباب متعدّدة، قد يتوقّف هذا النبض فجأة. هذه اللحظة تُشكّل صدمة عاطفية كبيرة لأي أمّ، خصوصًا عندما لا تكون على دراية بالعوامل المسبّبة لهذه الحال.
سنُقدّم لكِ اليوم، خطوة بخطوة، دليلًا علميًا مفصّلًا عن اسباب توقف نبض الجنين. أوّلًا، سنستعرض العوامل الجينية التي قد تُؤثّر على تطوّر الجنين. بعد ذلك، سننتقل إلى شرح مشاكل المشيمة التي تُهدّد حياته داخل الرحم. ثمّ، سنُسلّط الضوء على أخطر أنواع العدوى التي قد تضرّ بالجنين. كذلك، سنُناقش الأمراض المزمنة عند الأم، والتي تلعب دورًا كبيرًا في هذه الحالات. وأخيرًا، سنُبيّن لكِ مجموعة من العوامل الخارجية التي ترفع هذا الخطر. في الختام، سنُقدّم لكِ نصائح واضحة وخطوات وقائية بسيطة تساعدكِ، بإذن الله، على خوض حمل آمن وصحّي قدر الإمكان.
الاضطرابات الجينية: عندما يبدأ الخلل من الكروموسومات
تُشير الدراسات العلمية إلى أنّ أكثر من نصف حالات فقدان الحمل المبكّر تعود إلى مشاكل في المادة الوراثية للجنين.

عند الإخصاب، تندمج كروموسومات الأم والأب لتكوين جنين جديد. لكن في بعض الأحيان، تحدث طفرات أو أخطاء أثناء هذا الدمج. نتيجة لذلك، يظهر جنين غير قادر على النمو السليم. في هذا السياق، تُعدّ العيوب الكروموسومية من أبرز اسباب توقف نبض الجنين في الأسابيع الأولى من الحمل. على سبيل المثال، تشمل هذه العيوب: التثلث الصبغي (Trisomy)، وحذف الكروموسومات (Deletions)، وكذلك اضطرابات تركيبية في الحمض النووي.
الحقائق العلمية
بحسب الجمعية الأمريكية للطب التناسلي (ASRM)، 50 إلى 60% من حالات الإجهاض تعود إلى وجود خلل في الكروموسومات. هذه العيوب لا تكون بسبب خطأ من الأم أو الأب، بل غالبًا تحدث بشكل عشوائي أثناء الانقسام الخلوي.
الوقاية
استشيري مختصّ وراثة قبل الحمل، فهذه الخطوة رغم أنّها لا تمنع العيوب، إلا أنّها تُساعد الأزواج الذين لديهم تاريخ عائلي لمثل هذه الاضطرابات.
مشاكل المشيمة: عندما ينقطع شريان الحياة
تؤدّي المشيمة دورًا جوهريًا في حياة الجنين، فهي المسؤولة عن نقله للأوكسجين والغذاء.
أي خلل في عمل المشيمة قد يُؤدّي إلى تدهور حال الجنين في الرحم بشكل سريع. من أبرز المشاكل:
- قصور المشيمة: عندما تفشل المشيمة في إيصال الكمية الكافية من الأوكسجين.
- انفصال المشيمة المبكّر: وهو انفصالها عن جدار الرحم قبل موعد الولادة.
هاتان الحالان تُعدّان من أخطر اسباب توقف نبض الجنين خصوصًا في الثلث الثاني والثالث من الحمل.
وفي هذا السياق، أشار بحث نُشر في مجلة The Lancet إلى أنّ قصور المشيمة يُسبّب بين 15 إلى 20% من وفيات الأجنّة خلال مراحل الحمل المتقدّمة.
الوقاية
للمساعدة في حماية المشيمة:
- مراقبة ضغط الدم.
- تجنّب التدخين.
- المتابعة الدورية مع الطبيب.
العدوى داخل الرحم: غزو الجراثيم لبيئة الجنين
قد تُسبّب العدوى البكتيرية أو الفيروسية مشاكل خطيرة للحمل.

عندما تخترق العدوى الأغشية أو السائل الأمنيوسي، قد تدمّر أنسجة الجنين وتُؤدّي إلى توقّف النبض. تشمل أبرز أنواع العدوى:
- الليستيريا: تُنتقل عبر الطعام الملوّث.
- الزهري: ينتقل إلى الجنين عبر المشيمة.
- فيروس CMV: من أخطر الفيروسات على الحمل.
هذه العدوى تُعدّ من أبرز اسباب توقف نبض الجنين التي يمكن الوقاية منها جزئيًا.
بحسب دراسة نُشرت في Clinical Microbiology Reviews، العدوى مسؤولة عن حوالي 15% من حالات فقدان الحمل.
الوقاية
- الالتزام بغسل اليدين.
- طهي الطعام جيدًا.
- إجراء فحوصات العدوى قبل وأثناء الحمل.
الأمراض المزمنة عند الأم: عندما تكون صحة الأم هي العامل الحاسم
تُؤثّر صحة الأم بشكل مباشر على صحة الجنين.
إنّ المعاناة من الأمراض المزمنة غير المُسيطر عليها تُضاعف خطر فقدان الحمل. تشمل هذه الأمراض:
- السكري: ارتفاع مستويات السكر يعيق نمو الجنين.
- ارتفاع ضغط الدم: من جهة أخرى، يُضعف الدورة الدموية في المشيمة، فيُسبّب قصورًا في تزويد الجنين بالأوكسجين والغذاء.
- مشاكل تجلّط الدم: تُسبّب في كثير من الحالات، تجلّط الأوعية الدموية التي تغذّي الجنين. وهكذا، ينخفض تدفّق الأوكسجين بشكل خطير.
تُعدّ هذه المشاكل من أهم اسباب توقف نبض الجنين القابلة للعلاج.
ولهذا السبب، تؤكّد الجمعية الأمريكية للحمل (APA) هذا الأمر بوضوح، إذ تُبيّن أنّ السيطرة على الأمراض المزمنة تُقلّل بالفعل من خطر فقدان الحمل بنسبة قد تصل إلى 70%.
الوقاية
- متابعة دقيقة للحالة الصحية مع الطبيب.
- تناول الأدوية الموصوفة.
- الالتزام بالنظام الغذائي المناسب.
عوامل خارجية خطيرة: نمط الحياة له دور مهم
ليس فقط العوامل الصحية، بل حتى نمط الحياة يمكن أن يزيد من مخاطر الحمل.

من العوامل الخارجية التي تُعدّ ضمن اسباب توقف نبض الجنين:
- التدخين: يُقلّل من نسبة الأوكسجين المتدفّق إلى الجنين.
- تناول الكحول: يُسبّب تشوّهات جنينية.
- التعرّض لمواد سامة: مثل بعض أنواع المبيدات.
ولهذا، أثبتت مراجعة علمية نُشرت في BMJ Open أنّ الحوامل المدخّنات، في الواقع، يُواجهن خطر فقدان الحمل بمعدّل يزيد بنسبة 30 إلى 40%، بالمقارنة مع غير المدخّنات.
الوقاية
- الإقلاع عن التدخين والكحول فور بدء التخطيط للحمل.
- تجنّب التعرّض للمواد السامّة.
- اتّباع نمط حياة صحّي.
وكما رأيتِ، تتنوّع اسباب توقف نبض الجنين بين عوامل جينية من جهة، ومشاكل مشيمية من جهة أخرى. كذلك، تلعب العدوى داخل الرحم دورًا خطيرًا. إلى جانب ذلك، تؤثّر الأمراض المزمنة لدى الأم بشكل مباشر. وأخيرًا، لا يمكن إغفال تأثير أسلوب الحياة. لذلك، احرصي على معرفة هذه العوامل جيّدًا. بعد ذلك، التزمي بإجراء الفحوصات الدورية بانتظام. أيضًا، اتّبعي دائمًا توصيات طبيبكِ بدقّة. بهذه الطريقة، تحمين حملكِ وتُقلّلين المخاطر قدر الإمكان. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن كيفيّة التصرّف عندما لا تشعرين بالاتصال مع الجنين.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أؤمن بأنّ الوقاية تبدأ بالمعرفة. لذلك، عندما تكونين على وعي تام بالمخاطر، يمكنكِ بكلّ سهولة اتخاذ خطوات فعّالة لحماية حملكِ. لهذا السبب، أنصحكِ بمراقبة صحتكِ عن كثب خلال فترة الحمل. كذلك، ابتعدي تمامًا عن العادات الضارّة، ولا تهملي أي عرض، حتى لو بدا بسيطًا في ظاهره. من جهة أخرى، تذكّري أنّ الحمل يُعدّ رحلة جميلة ومليئة بالأمل، لكنّه في الوقت ذاته يتطلّب منكِ اهتمامًا حقيقيًا ويوميًا. وأخيرًا، دائمًا تذكّري هذا الأمر المهمّ: زيارة الطبيب بانتظام تشكّل خطّ الدفاع الأوّل والأقوى لحماية حياة جنينكِ.