كيف أخلي الجنين يتحرك؟ هذا السؤال يرافق كل أمّ تنتظر بفارغ الصبر أن تشعر بأولى الركلات داخل رحمها. الحركة تُطمئنكِ أن جنينكِ بخير، وأنه ينمو ويتطوّر بشكل سليم. قد تمرّ بعض الأيام من دون أن تشعري بأي حركة، وهذا أمر يثير الشعور بالقلق لدى الكثير من النساء، خاصّةً في الثلث الأخير من الحمل.
لهذا السبب، سنعرض في هذا المقال خطة مفصّلة مدعومة بتوصيات الأطباء والبحوث العلمية، تُساعدكِ على تحفيز حركة الجنين بطرق طبيعية وآمنة. سنتناول العوامل المؤثّرة، ونقدّم نصائح عن الغذاء، وأساليب التنشيط، وأوقات الحركة المثالية.
1- تناولي وجبة خفيفة تحتوي سكريات طبيعية
يمكن أن يزيد تناول وجبة صغيرة غنية بالسكر مثل حبة فاكهة أو كوب عصير طبيعي من نشاط الجنين. تشير دراسات طبية إلى أن ارتفاع مستوى الجلوكوز في الدم يُحفّز حركة الجنين لفترة قصيرة. يُفضل تناول الموز أو التمر أو كوب من عصير البرتقال الطازج، ثم الاستلقاء على الجانب الأيسر ومراقبة الحركات.

2- اختاري وضعية مناسبة للاستلقاء
تؤدّي الوضعية دورًا كبيرًا. عندما تستلقين على ظهركِ، قد يقل تدفق الدم إلى الرحم، وبالتالي تقل الحركة. أما عند الاستلقاء على الجانب الأيسر، يتدفّق الدم بشكل أفضل، مما يُنشّط الجنين. وفقًا لمنظمة الصحة العالمية (WHO)، يُعَدّ هذا الوضع الأفضل لراحة الأم ولزيادة حركة الجنين.
3- حاوري جنينكِ بصوتكِ
يُعَدّ صوت الأم من أوائل الأصوات التي يسمعها الجنين بوضوح، خاصّةً في الأسبوع 25 وما بعده. لذلك، تحدّثي إليه، رتّلي له، أو شغّلي له موسيقى هادئة. تثير هذه الوسائل الصوتية تفاعل الجنين، وتزيد من استجابته الحركية، بحسب أبحاث منشورة في Journal of Prenatal & Perinatal Psychology.

4- شرب الماء بكميات كافية
يؤثر الجفاف على كمية السائل الأمنيوسي، ما قد يُقلّل من قدرة الجنين على الحركة. عندما يحصل جسمكِ على كمية كافية من السوائل، يصبح الوسط المحيط بالجنين أكثر راحة، مما يُشجّعه على التحرك بحرية. يُوصي الأطباء بشرب 8 إلى 10 أكواب من الماء يوميًا، خاصّةً خلال الثلث الأخير من الحمل.
5- جربي تغيير الوضع أو الحركة
إذا بقي الجنين ساكنًا، حاولي تغيير وضعيتكِ، أو مارسي نشاط بسيط كالمشي داخل الغرفة. قد يحفّز التغيير المفاجئ في التوازن أو في الحركة الخارجية الجنين ويحُثّه على التفاعل. يُستخدَم هذا الأسلوب كثيرًا في جلسات فحص نبض الجنين في العيادات الطبية.
6- التمارين الخفيفة تساعد
إنّ ممارسة الرياضة المعتدلة مثل تمارين التمدد أو المشي السريع تحفّز الدورة الدموية، ممّا يُزيد من تدفّق الأوكسجين إلى الرحم. هذا بدوره يُنشّط الجنين. لكن، لا يُنصح بممارسة التمارين الشاقة أو المكثفة من دون استشارة الطبيب، خصوصًا في الأشهر الأخيرة من الحمل.

7- راقبي أوقات الذروة الحركية
لا يتحرّك الجنين بشكلٍ عشوائيّ، بل له دورات من النوم والاستيقاظ. غالبًا ما يكون أكثر نشاطًا بعد تناول الوجبات، أو عند المساء، أو عندما تستلقين في جوٍ هادئ. تابعي هذه الأوقات وسجّليها، لأنّها تساعدكِ في فهم نمط جنينكِ ومراقبة أي تغيّر مقلق.
8- عدّي الحركات يوميًا
ينصح الأطباء بقياس “عدد الركلات” يوميًا بدءًا من الأسبوع 28. الطريقة بسيطة: بعد تناول الطعام والاستلقاء على الجانب، قومي بعدّ الحركات خلال ساعتين. يُفترض أن تشعري بـ10 منها على الأقل. إذا كانت أقل، يجب مراجعة الطبيب.
9- لا تهملي إجراء الفحوصات الطبية
ذا جربتِ كل الطرق ولم يتحرك الجنين كما هو معتاد، يجب التوجّه فورًا إلى الطبيب لإجراء تصوير بالسونار أو اختبار NST (Non-Stress Test). هذه الفحوصات تُطمئنكِ على سلامة الجنين وتوفّر تقييمًا دقيقًا لحاله الصحية.
10- متى تُعدّ قلة الحركة خطرًا؟
لا تعني قلة الحركة دائمًا وجود خطر، لكنها أحيانًا قد تُشير إلى نقص في الأوكسجين أو وجود مشاكل في المشيمة أو الحبل السري. لذلك، إن لاحظتِ تغيّرًا مفاجئًا في نمط الحركة، من الأفضل عدم الانتظار. فالتدخل المبكر يُساهم في الوقاية من مضاعفات خطيرة.
كيف أخلي الجنين يتحرك؟ تكمن الإجابة في مزيج من الاهتمام بالتغذية، والحفاظ على الراحة الجسدية، ومراقبة الإشارات الطبيعية من جسدكِ. حركات الجنين ليست فقط مصدر طمأنينة، بل هي مؤشر دقيق يعبّر عن نموه الصحي وتفاعله مع محيطه داخل الرحم. عندما تمنحين نفسكِ لحظات من الهدوء والانتباه، وتُرفقينها بخيارات غذائية متوازنة وتحرّكات بسيطة، يصبح بإمكانكِ تحفيز الجنين على الحركة بطرق طبيعية. تحمل هذه الحركات الصغيرة في طياتها رسالة ثمينة: الجنين يتجاوب، ,ينمو، ويشعر بكِ. لذا، كلما اقتربتِ من فهم نمطه الحركي، زادت قدرتكِ على متابعة الحمل بثقة واطمئنان. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ متى يظهر نبض الجنين في السونار؟
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أنّ وعي الأم بحركات الجنين اليومية هو أحد أرقى أشكال الاتصال الفطري بين الأم وطفلها. هذه اللحظات البسيطة التي يشعر بها قلبكِ قبل جسدكِ، تستحق كلّ انتباه واهتمام. أنصَح كل امرأة حامل أن تُخصّص وقتًا يوميًا لمراقبة جنينها، والتقرّب منه، والتأكد من أنّه بخير. ليس هناك أجمل من تلك الركلة الصغيرة التي تقول لكِ: “أنا هنا، وأشعر بكِ”.