من السهل أن نعتبر الدمى مجرد ألعاب تُهدى للأطفال لتسلية مؤقتة. لكن، ماذا لو تحولت هذه اللعبة إلى مرآة تعكس اختلاف الطفل وتجعله يشعر بالفخر؟. قلبت هذه الفكرة حياة مئات الأطفال رأسًا على عقب، بفضل مبادرة إنسانية انطلقت من غرفة طعام منزل متواضع.
منذ اللحظة التي قرّرت فيها إيمي جاندريسيفِتس أن تخيط دمية تشبه طفلة فقدت أطرافها، تغيّر المفهوم السائد عن معنى “اللعب”. لم تعد الدمية مجرد وسيلة تسلية، بل تحوّلت إلى رسالة حبّ وقبول.
دمية تُشبه الطفل.. لكنها تهديه أكثر من مجرد شبه
من قلب تجاربها كمختصّة اجتماعية في قسم أورام الأطفال، أدركت إيمي أن الطفل المريض لا يحتاج فقط إلى علاج، بل أيضًا إلى من يحتضن اختلافه. لذلك بدأت تخيط دمى تحمل نفس ملامح الأطفال: يد مبتورة، وشفة أرنبية، وبثور جلدية، وجهاز تغذية، أو حتى بقع بُهاق.

كل تفصيل دقيق في وجه الطفل أو جسده، كانت إيمي تحوّله إلى جزء من تصميم دمية مصنوعة يدويًا، بكل عناية. لم تتوقف عند الهدف الجمالي، بل أرادت أن تقول لكل طفل: “أنت جميل كما أنت”.
حين تتحوّل المبادرة إلى حركة عالمية
بفضل التبرعات، كبرت المبادرة وصارت منظمة غير ربحية، وأصبحت الدمى تصل مجانًا إلى منازل الأطفال حول العالم. ومع الوقت، تبنّت شركات الألعاب العالمية هذا المفهوم. ظهرت باربي بساق اصطناعية، وأخرى بسماعة أذن، وبدأت النماذج تتنوع لتشمل اختلافات كثيرة كانت سابقًا تُخفى.
لم يعد الطفل يشعر بأنه وحده المختلف، بل صار يرى نفسه ممثلًا في الإعلام، في اللعبة، وفي أعين من حوله.
حين يُقدَّم للطفل شيء يشبهه، فإننا لا نمنحه لعبة وحسب، بل نمنحه مشاعر الأمان، والاعتزاز، والانتماء. مبادرة “دمية تشبهني” لم تصنع ألعابًا، بل صنعت قصصًا تُروى، وقلوبًا شُفيت، وابتساماتٍ انطلقت من بين دموع الخجل لتصبح عنوانًا للفخر.
وبهذا، يتضح أن أحيانًا، كل ما يحتاجه الطفل ليحبّ نفسه… هو أن يرى نفسه في لعبة. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ كيف توازنين بين الحزم والمرونة في تربية أطفالك؟