تُعَدّ أسباب عدم رغبة الزوج بالجماع من أكثر المواضيع حساسية التي تثير قلق المرأة وتساؤلاتها. فهي تسأل نفسها: هل الخطأ مني؟ أو فقد اهتمامه بي؟ أم أنّ هناك مشكلة صحية تُخفي وراءها أسبابًا أعمق؟. في الواقع، قد يكون هذا التغيّر مؤشرًا نفسيًا أو جسديًا، وربما يجمع بين الأمرين معًا. لذلك، من الضروري فهم كل الاحتمالات بهدوء ومن دون توتر.
في هذا المقال، سنتناول الأسباب الأكثر شيوعًا التي قد تدفع الرجل إلى النفور من العلاقة الحميمة، بدءًا من العوامل الجسدية، مرورًا بالعوامل النفسية، وصولًا إلى تأثير الروتين والعلاقة الزوجية نفسها. كما سنعرض كيف يمكنكِ التعامل مع هذه الحال بأسلوب علمي وواعٍ، من دون السماح بضعف العلاقة الزوجية.
1- اضطرابات هرمونية تؤثر على الرغبة الجنسية
تؤدّي الهرمونات دورًا محوريًا في الرغبة الجنسية عند الرجل. وعندما يحدث اضطراب في مستوى هرمون التستوستيرون، تنخفض الرغبة بشكل ملحوظ. هذا الهرمون مسؤول عن الطاقة الجنسية، والثقة بالنفس، وحتى المزاج العام.

تشير دراسة نُشرت في Journal of Clinical Endocrinology & Metabolism أنّ الرجال الذين يعانون من انخفاض التستوستيرون يشعرون بالتعب، ويبتعدون عن العلاقة الحميمة من دون وعي. كما يرتبط انخفاض الهرمون بمشاكل في الانتصاب وزيادة التوتر العصبي.
من الضروري استشارة طبيب غدد صمّاء في حال لاحظتِ تغيّرات واضحة، فالفحص البسيط للدم يكشف الكثير.
2- التوتر النفسي والضغوط اليومية
التوتر يقتل الرغبة بصمت.
الحياة اليومية مليئة بالتحديات. قد تكون الضغوط في العمل، أو المشاكل المالية، أو حتى القلق من المستقبل من الأسباب التي تُثقل على نفسية الزوج. الرجل، في كثير من الأحيان، لا يُعبّر عن مشاعره كما تفعل المرأة. بل يُخفي كل شيء ويصمت.
هذا الصمت قد يتحوّل إلى انسحاب، ويُترجم على شكل فتور جنسي. ووفقًا لدراسة نُشرت في Psychology Today، فإن الشعور بالقلق المزمن يؤثر على مركز المتعة في الدماغ ويقلل من إفراز الدوبامين. وهو ناقل عصبي مرتبط بالرغبة واللذة.
الحل؟ التحدث. الحوار الصادق يُخفف الكثير من الأعباء النفسية، ويعيد العلاقة إلى توازنها الطبيعي.
3- مشاكل صحية مزمنة تُقلّل الرغبة
الصحة الجسدية تنعكس مباشرةً على العلاقة الحميمة.

إنّ المعاناة من بعض الأمراض مثل السكري، وارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب، واضطرابات الغدة الدرقية، لها تأثير مباشر على الأداء والرغبة. أظهرت الأبحاث أن أسباب عدم رغبة الزوج بالجماع قد تعود إلى أدوية يتناولها الزوج لعلاج هذه الحالات، إذ تُضعف هذه الأدوية الدورة الدموية وتؤثر على الانتصاب.
بالإضافة إلى ذلك، يُمكن للشعور بالألم المزمن أو الإرهاق الناتج عن مرض جسدي أن يجعل العلاقة الحميمية عبئًا بدلًا من متعة. لذلك، من الضروري تحفيز الزوج على الاهتمام بصحته، والمتابعة الطبية المنتظمة.
4- غياب التواصل العاطفي مع الزوجة
الحب والتواصل هما قلب العلاقة الزوجية.
قد تكونين بعيدة عاطفيًا من دون أن تشعري. الرجل لا يبحث عن العلاقة الحميمة فقط من باب الرغبة الجسدية، بل يربطها غالبًا بالمشاعر والأمان. عندما يشعر الزوج بالإهمال، أو الانتقاد الدائم، أو البرود في الحوار اليومي، يتراجع تلقائيًا عن التقارب الحميمي.
وهنا، من الضروري أن نُشير إلى أن أسباب عدم رغبة الزوج بالجماع ليست دائمًا مرتبطة بضعف في المرأة أو بنقص جاذبيتها، بل بعدم التوازن العاطفي في العلاقة.
الحل يكمن في لمسات صغيرة: نظرة، وكلمة حنونة، وعشاء بسيط، أو حتى سؤال عن يومه. هذه التفاصيل البسيطة تُعيد دفء العلاقة وتشعل شرارتها من جديد.
5- الروتين والملل داخل العلاقة
الروتين عدو صامت لا يُستهان به. حتى لو لم يكن هناك مشاكل صحية أو نفسية، فإن التكرار والملل قد يُسببان النفور. عندما تصبح العلاقة الحميمية مجرّد واجب أو تُمارس بنفس الأسلوب في كل مرة، يشعر الطرفان بالفتور.

تؤكد دراسة أجراها معهد Kinsey Institute أنّ الأزواج الذين يبتكرون في حياتهم العاطفية والجنسية يُحافظون على مستوى عالٍ من الرضا والانسجام.
يمكنكِ كسر الروتين من خلال الحوار، والسفر القصير، والتغيير في المكان أو التوقيت، أو حتى بلمسة خيال بسيطة تجعل اللقاء أكثر تشويقًا.
6- الإدمان على الشاشات والمحتوى غير اللائق
العالم الرقمي غيّر طبيعة العلاقات.
أحد أسباب عدم رغبة الزوج بالجماع التي أصبحت شائعة في السنوات الأخيرة هو الإدمان على المحتوى الرقمي، خصوصًا المحتوى الجنسي غير الصحي. هذا النوع من الإدمان يُشوّه مفهوم العلاقة الحميمة الواقعية ويجعل الزوج غير مهتم بالعلاقة الفعلية.
كما أن تمضية وقت طويل أمام الشاشات، سواءً على الهاتف أو التلفاز أو ألعاب الفيديو، يسرق الوقت والطاقة من العلاقة الزوجية، ويزرع الجفاف العاطفي ببطء.
الحل؟ وضع حدود للاستخدام الرقمي داخل المنزل، وتخصيص وقت خاص للزوجين بدون مشتّتات.
الخلاصة
المشكلة ليست دائمًا أنتِ، بل قد تكون أعمق. بعد هذا العرض المفصّل، نُدرك أن أسباب عدم رغبة الزوج بالجماع لا تعني بالضرورة أن العلاقة فاشلة أو أن هناك خطأ فيكِ. بل هي دعوة لفهم أعمق، ولحوار صادق، ولتقييم صحي ونفسي يُعيد الأمور إلى نصابها.
يحتاج التعامل مع هذا التغيّر إلى صبر، وذكاء، ووعي عاطفي. لا تتسرّعي في إصدار الأحكام، بل قودي العلاقة بلطف نحو المسار الصحيح. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن الإشارات المبكرة لتراجع الانجذاب.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أن الصراحة هي أساس الحل. لا تكتفي المرأة بتحليل التصرفات بصمت، بل يجب أن تتواصل مع زوجها بصوت واضح، من دون لوم أو شكوى، بل بنية الفهم والمساعدة. كما أن على الرجل ألّا يخجل من الاعتراف بضعفه أو ألمه، فالعلاقة الناجحة لا تقوم على الكتمان، بل على الصدق والدعم المتبادل.