يُقلق موضوع زوجي لا يجامعني كثيرًا من النساء، إذ يثير الشكوك، ويُضعف الثقة، ويخلق توتّرًا داخل العلاقة. قد تظنّين أنّ المشكلة فيكِ، أو في حبّه، أو في وجود امرأة أخرى، لكن الحقيقة أعمق من ذلك بكثير. تظهر الدراسات أنّ الامتناع عن العلاقة الحميمة لا ينتج فقط عن فتور عاطفي. بل يرتبط أيضًا بعوامل نفسيّة وهرمونيّة وجسديّة متشابكة.
سنشرح في هذا المقال أبرز الأسباب العلميّة وراء ابتعاد الزوج عن الجماع، ونقسّمها إلى خمسة محاور متكاملة: أولًا الأسباب النفسيّة، وثانيًا الأسباب الصحيّة، وثالثًا المشاكل الزوجيّة، ورابعًا الضغوط الحياتيّة، وخامسًا تأثير نمط الحياة. سنضيء في كلّ فقرة على العوامل المخفيّة التي قد لا تتوقّعينها إطلاقًا، وسنقترح حلولًا عمليّة تساعدك على الفهم قبل اللوم.
تؤثّر الحال النفسيّة بعمق على الرغبة
تؤثّر الحال النفسيّة مباشرة على الرغبة الجنسيّة عند الرجل. عندما يشعر الزوج بالقلق، وبالاكتئاب، أو بفقدان السيطرة على مشاعره، تتراجع لديه القدرة والرغبة في الوقت نفسه. توضح دراسة نُشرت في Journal of Sexual Medicine سنة 2022 أنّ القلق المزمن يؤدّي إلى انخفاض إنتاج هرمون التستوستيرون بنسبة قد تصل إلى 25%. ما يُضعف الرغبة الجنسيّة ويؤخّر الانتصاب.

يعيش كثير من الرجال صراعات داخلية صامتة. يخجل البعض من التعبير عن التعب النفسي أو الضغط في العمل، فيلجأ إلى الانعزال بدل المواجهة. عندما تلاحظين أنّ زوجي لا يجامعني، قد يكون في الحقيقة يعاني من ضيق نفسي وليس من برود تجاهك. لذلك، من المهم أن تُشعريه بالأمان، وأن تفتحي باب الحوار الهادئ دون توبيخ أو مقارنة. التواصل الهادئ يُعيد التوازن النفسي ويمهّد لعودة العلاقة الحميمة تدريجيًا.
تُضعف المشاكل الصحيّة الأداء والرغبة
تُعدّ المشاكل الصحيّة من أكثر الأسباب شيوعًا لامتناع الرجل عن الجماع. يُظهر بحث صادر عن Mayo Clinic أنّ أمراض القلب والسكري وارتفاع ضغط الدم تؤثّر على تدفّق الدم إلى الأعضاء التناسليّة، ما يؤدي إلى ضعف الانتصاب أو العجز الجزئي. كذلك، تلعب الأدوية دورًا مهمًّا؛ فبعض مضادّات الاكتئاب، وأدوية الضغط، والعلاجات الهرمونيّة تُخفّض الرغبة بشكل واضح.
لهذا السبب، من الضروري ألّا يُهمِل الزوج الفحوصات الدوريّة. عند ظهور علامات مثل الإرهاق الشديد، أو فقدان الطاقة، أو تغيّر المزاج، يجب استشارة الطبيب. تشير دراسة في Harvard Health Publishing إلى أنّ الرجال الذين يعالجون الأمراض المزمنة مبكرًا يستعيدون نشاطهم الجنسي بنسبة تفوق 70%. إذًا، عندما تشعرين بأنّ زوجي لا يجامعني، لا تتسرّعي في الظنّ أنّ المشكلة عاطفيّة؛ فقد تكون جسديّة قابلة للعلاج بسهولة.
تُفاقم الخلافات الزوجيّة البرود العاطفي
تؤدّي الخلافات المتكرّرة، وسوء التواصل، والنقد الدائم إلى فتور واضح في العلاقة الحميمة. عندما يفقد الرجل الشعور بالتقدير، يبتعد تلقائيًا عن التفاعل الجسدي. تؤكّد الأبحاث النفسيّة الحديثة أنّ الدماغ يربط بين الرضا العاطفي والرغبة الجنسيّة، وأنّ أيّ خلاف غير محلول يؤثّر على التفاعل الهرموني في الجسم.

لهذا، يُفضَّل أن يتدرّب الزوجان على الإصغاء المتبادل. الإصغاء يعزّز الثقة ويُعيد الشعور بالقرب. عندما يواجه الزوج صراخًا أو تهديدًا، يختار الانسحاب بدل المواجهة. لذلك، يجب أن تُبنى المناقشة على الهدوء لا على الانفعال. عندها فقط يمكن للعلاقة أن تستعيد توازنها. من الضروري أيضًا أن يُدرك الطرفان أنّ العلاقة الحميمة ليست مجرّد تلبية حاجة، بل هي تواصل وجداني يعكس عمق الارتباط بين الزوجين.
تُضعف الضغوط اليوميّة رغبة الرجل تدريجيًا
تُظهر الإحصاءات أنّ أكثر من 60% من الرجال العاملين في المدن الكبرى يعانون من انخفاض الرغبة بسبب الإرهاق والضغط المستمر. عندما تتكرّر عبارة زوجي لا يجامعني، قد تكون الحياة اليوميّة هي السبب. الاستيقاظ المبكر، والمجهود الذهني، والتفكير المالي، وتقلّبات النوم تُرهق الجسد والعقل معًا.
تُفرز هذه الضغوط هرمون الكورتيزول الذي يُعرف بـ”هرمون التوتّر”، وهو يُعارض مباشرة إفراز التستوستيرون المسؤول عن الرغبة. كما أنّ قلة النوم وتناول الوجبات السريعة تُضاعف المشكلة. تشير دراسة من National Institutes of Health إلى أنّ النوم أقل من ستّ ساعات يوميًا يخفّض الرغبة الجنسيّة بنسبة 30%. إذًا، الحلّ يبدأ من الاهتمام بالراحة، وتنظيم الوقت، وتخفيف الإرهاق الجسدي قبل التفكير في الأسباب العاطفيّة.
يُضعف نمط الحياة غير الصحي القدرة الجنسيّة
يؤدّي نمط الحياة دورًا حاسمًا في جودة العلاقة الزوجيّة. التدخين، وتناول الكحول، والجلوس لساعات طويلة أمام الشاشات تُدمّر الدورة الدمويّة وتُضعف الانتصاب تدريجيًا. يُظهر تقرير صادر عن World Health Organization أنّ المدخّنين أكثر عرضة بمرّتين لضعف الأداء الجنسي مقارنة بغير المدخّنين. كذلك، يؤدّي الوزن الزائد إلى اضطراب الهرمونات وزيادة مقاومة الإنسولين، ما ينعكس مباشرة على الرغبة.

من المهمّ أن يُعيد الزوجان معًا تنظيم نمط حياتهما. الرياضة المعتدلة تُحفّز إفراز الإندورفين، وتُحسّن المزاج، وتُنعش الرغبة بشكل طبيعي. كما أنّ تناول أطعمة غنيّة بالزنك والمغنيسيوم، مثل المكسرات والسبانخ، يُساهم في تعزيز التستوستيرون. التغيير البسيط في العادات اليومية قد يُحدث فرقًا كبيرًا. فحينما تشعر المرأة أنّ زوجي لا يجامعني، يمكنها أن تشجّعه على الاهتمام بصحته بدل الاتهام أو اللوم.
الخلاصة
تُعتبر العلاقة الحميمة مرآةً للانسجام بين الجسد والنفس والعاطفة. حين يتراجع هذا التوازن، يظهر الامتناع عن الجماع كإشارة تنبيه، لا كإدانة. لذلك، لا بدّ من النظر إلى المسألة بعمق علميّ وإنسانيّ. الأسباب قد تكون نفسيّة، وصحيّة، أو حياتيّة، لكنّ الحلّ دائمًا يبدأ بالحوار الصادق والرعاية المشتركة. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ ما هي النفقة الواجبة على الزوج؟
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أنّ التعامل مع مشكلة زوجي لا يجامعني يحتاج إلى وعي وصبر. فالعلاقة الزوجيّة ليست سباقًا في الأداء، بل مساحة دعمٍ وتفاهم. عندما تُقرّر المرأة الإصغاء بدل العتاب، وتختار الفهم بدل الغضب، تُفتح أمامها أبوابٌ جديدة من القرب والانسجام. الحبّ الحقيقي لا يُقاس بعدد اللقاءات، بل بصدق التواصل وعمق التقدير المتبادل.
