لما ياسين لما ياسين 31-08-2025
اكتئاب بعد الولادة

يُعَدّ اكتئاب بعد الولادة من الاضطرابات النفسية الشائعة التي تمرّ بها العديد من النساء بعد الإنجاب. قد تتوقعين أن تكون فترة ما بعد الولادة مليئة بالفرح، لكنّ الواقع أحيانًا يختلف. تجد بعض الأمهات أنفسهنَّ غارقات في مشاعر حزن، وقلق، وارتباك، تجعل اللحظات الجميلة تتحول إلى تجربة صعبة. هذه الحال ليست ضعفًا شخصيًا، بل نتيجة عوامل بيولوجية ونفسية معقدة.

ias

في هذا المقال، سنعرض لكِ صورة شاملة عن هذا الاكتئاب. سنتحدث عن أسبابه، وعوارضه، وتأثيره على حياتكِ اليومية، وطرق العلاج التي يوصي بها الخبراء. كما سنوضح الفرق بين التغيّرات الطبيعية بعد الولادة وبين الحال المرضية التي تحتاج إلى تدخل. الهدف هو أن تشعري أنّكِ لستِ وحدكِ، وأن الحلول موجودة ومدعومة بالعلم.

ما هو اكتئاب بعد الولادة؟

قبل أي شيء، من المهم أن نعرّف الحال. يُعتبَر اكتئاب بعد الولادة اضطرابًا نفسيًا يظهر عادة خلال الأسابيع الأولى بعد الإنجاب، وقد يمتد لأشهر إذا لم تتم معالجته. يتميّز بمشاعر حزن عميق، وفقدان الاهتمام بالأنشطة، واضطراب في النوم والشهية.

امرأة حزينة
مصدر الصورة: موقع Freepik

بعكس ما يُعرف بـ “الكآبة النفاسية” التي تصيب معظم النساء لبضعة أيام بسبب التغيرات الهرمونية، فإن هذا النوع من الاكتئاب أكثر شدّة واستمرارًا. وتشير إحصاءات منشورة في American Journal of Psychiatry إلى أنّ نحو ١ من كل ٧ نساء قد يعانين من هذه الحال بدرجات متفاوتة.

الأسباب العلمية وراء الاكتئاب

لفهم هذه الحال، يجب أن نعرف أسبابها. العلماء يربطون اكتئاب بعد الولادة بعدة عوامل مترابطة. أوّلها التغيّرات الهرمونية الكبيرة التي تطرأ بعد الولادة، إذ ينخفض هرمون الإستروجين والبروجستيرون بسرعة، ما يؤثر مباشرة على كيمياء الدماغ والمزاج.

العامل الثاني نفسي واجتماعي: الانتقال المفاجئ إلى مسؤوليات الأمومة، وقلّة النوم، والشعور بضغط التوقعات. كما أن وجود تاريخ مرضي للاكتئاب أو اضطرابات القلق يزيد من احتمالية الإصابة. أظهرت بعض الدراسات الحديثة أيضًا دور العوامل الوراثية. حيث يمكن أن تساهم الجينات في جعل بعض النساء أكثر عرضة من غيرهن.

العوارض التي يجب الانتباه إليها

من الضروري التمييز بين الإرهاق الطبيعي بعد الولادة وبين عوارض المرض. العلامات الشائعة تشمل:

  • شعور دائم بالحزن أو الفراغ.
  • فقدان المتعة بأي نشاط.
  • صعوبة التركيز واتخاذ القرارات.
  • اضطرابات النوم، سواء أرق أو نوم مفرط.
  • شعور بالذنب أو عدم الكفاءة كأم.
  • أفكار سلبية متكررة، وأحيانًا إيذاء الذات.

تؤكد منظمة الصحة العالمية أنّ التشخيص المبكر يحمي الأم والطفل معًا، إذ يؤثر الاكتئاب غير المعالج على نمو الرضيع العاطفي والمعرفي. لذلك، كل إشارة تستمر لأكثر من أسبوعين تستدعي استشارة مختص.

طرق العلاج والدعم

لحسن الحظ، توجد عدة خيارات علاجية أثبتت فعاليتها. العلاج النفسي السلوكي المعرفي (CBT) يُعدّ من أكثر الطرق نجاحًا. حيث يساعد الأم على تغيير أنماط التفكير السلبية واستعادة السيطرة على مشاعرها.

امرأة حزينة
مصدر الصورة: موقع Freepik

كما أن العلاج الدوائي قد يُستخدم في الحالات المتوسطة إلى الشديدة، مع مراعاة الأدوية الآمنة أثناء الرضاعة. تبيّن الدراسات أنّ مضادات الاكتئاب من نوع SSRIs غالبًا ما تُعطى بجرعات مدروسة وتُراقب عن قرب.

الدعم الاجتماعي لا يقل أهمية: مشاركة الأهل، وانخراط الزوج، والانضمام إلى مجموعات دعم للأمهات تخلق بيئة مطمئنة. أيضًا، ممارسة نشاط بدني بسيط مثل المشي، والالتزام بنظام غذائي متوازن، يساعدان على تحسين المزاج تدريجيًا.

كيف تحمين نفسكِ وتستعيدين توازنكِ؟

الوقاية ممكنة ولو جزئيًا. التحضير النفسي قبل الولادة، التحدث مع شريككِ عن توقعات المرحلة، والبحث عن شبكة دعم مسبقة، كلها خطوات مهمة. إن مشاركة المخاوف مع مختص نفسي أو قابلة مدرّبة خلال الحمل تمنحكِ مساحة آمنة للتعبير، وتساعدكِ على الدخول في مرحلة الأمومة بثقة أكبر.

كما أن إعطاء نفسكِ فرصة للراحة، وعدم السعي إلى الكمال، يقللان من الضغط الداخلي. خصصي وقتًا قصيرًا يوميًا لنشاط بسيط تحبينه، مثل القراءة أو المشي، فهذه التفاصيل الصغيرة تمنحكِ طاقة متجددة. من المهم أن تتذكري أنّ طلب المساعدة ليس عيبًا. بل خطوة ناضجة لحماية صحتكِ وصحة طفلكِ، سواء كان ذلك من شريككِ أو من أحد أفراد العائلة أو حتى من صديقة مقرّبة.

أظهرت دراسة في Journal of Women’s Health أنّ النساء اللواتي يحصلن على متابعة نفسية وغذائية منذ الحمل يقلّ تعرضهن لاحقًا للعوارض الحادّة. وهذا يثبت أن الوقاية تبدأ من الوعي. كما أنّ التثقيف حول النوم، والتغذية، وتقنيات الاسترخاء يؤدّي دورًا وقائيًا حاسمًا. وذلك لأنّ الأم المستعدة ذهنيًا وجسديًا تكون أقل عرضة للانهيار أمام الضغوط الجديدة.

الخلاصة

في النهاية، اكتئاب بعد الولادة ليس ضعفًا منكِ ولا انعكاسًا لعدم حبّكِ لطفلكِ. بل هي حال صحية معقّدة لها جذور بيولوجية ونفسية، تتطلب تفهّمًا ودعمًا وعلاجًا مدروسًا. إدراككِ للعوارض واللجوء إلى المساعدة في الوقت المناسب هو الطريق الآمن لتجاوز هذه المرحلة واستعادة توازنكِ الداخلي. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن رياضات منزلية سهلة ترجع لك لياقتك بعد الولادة بدون معدات أو مدرّب!

وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أنّ من الضروري كسر الصمت حول هذا الموضوع. الكثير من الأمهات يعانين بصمت خوفًا من الأحكام المجتمعية. لكنّ الشجاعة الحقيقية تكمن في مواجهة هذه الحال وطلب الدعم. الأمومة رحلة صعبة وجميلة في الوقت نفسه، والاهتمام بالنفس ليس أنانية. بل هو شرط أساسي لتربية طفل سليم عاطفيًا وجسديًا.

الحمل اكتئاب المشاكل النفسية بعد الولادة بعد الولادة ما بعد الولادة مشاكل نفسية نصائح بعد الولادة

مقالات ذات صلة

تحليل سلبي للحمل
مشاكل الحمل ماجتني الدوره ومافي اعراض حمل​: إليكِ أسباب تأخر الدورة الشهرية!
كل ما تريدين معرفته
ألم المبايض من أعراض الحمل
الصحة لا تتجاهلي هذا الشعور: ألم المبايض من أعراض الحمل أم إنذار مبكر لخطر آخر؟
الإجابة العلمية الدقيقة..
امرأة حامل في حقل القمح
الجنين كثرة حركة الجنين في الشهر السادس​: كلّ ما ترغبين في معرفته عن هذا الشهر من الحمل!
كل ما تريدين أن تعرفيه
صورة بالموجات فوق الصوتية للجنين
صحة الحامل هل يتحرك الجنين في الشهر الثاني​: إليكِ الإجابة الدّقيقة بحسب الدّراسات!
تطوّرات حملكِ الشهريّة
امرأة حامل تنظر إلى بطنها
الأسبوع الخامس عشر هل يتحرك الجنين في الأسبوع 15​: معلومات تعرفينها لأوّل مرّة!
تطورات الحمل الأسبوعية
امرأة عند الطبيبة النسائية
اعراض الحمل اعراض الحمل الاسبوع الثاني: ستتمكنين من اكتشافها بسهولة!
أعراض أوّلية
امرأة تعاني من غثيان الحمل
اعراض الحمل ماهى اعراض اول يوم حمل​: تابعي رحلة حملك من الأيام الأولى!
كل ما ترغبين في معرفته
امرأة حامل تبكي
صحة الحامل هل البكاء يؤثر على الجنين​: دراسات جديدة تحسم الأمر!
ما أثبتته الدراسات
امرأة تشرح للطبيبة ألم المعدة
اعراض الحمل هل الم المعدة من اعراض الحمل​: إليكِ الأعراض الأقلّ شيوعًا للحمل!
أعراض الحمل الأقلّ شيوعًا
امرأة حامل تمشي
رشاقة الحامل المشي في الاسبوع 33 من الحمل: إليكِ فوائده الصحية لكِ ولجنينكِ!
كل ما ترغبين في معرفته
امرأة في شهور الحمل الأخيرة
صحة الحامل هل تقل حركة الجنين في الشهر التاسع​: إليكِ ما ترغبين في معرفته!
لن تقلقي بعد اليوم
تأخر التبويض
التبويض التبويض المتأخر متى يبان الحمل​
كل ما تريدين معرفته

تابعينا على