يشكّل إشعاع الهواتف الذكية مصدر قلق متزايد للأهل، خصوصًا عندما يتعلق الأمر بالأطفال. ففي الوقت الذي يرى فيه الكثيرون الهاتف وسيلة ترفيه أو أداة تعليمية، يغفل البعض عن الأثر الخفي الذي قد يتغلغل في دماغ الطفل عبر الجمجمة الرقيقة. هذه الجمجمة الأضعف من جمجمة البالغ تتيح للإشعاع أن يخترق بشكل أعمق ويؤثر بشكل أكبر.
ولأن دماغ الطفل في طور النمو السريع، فإن أي اختراق إشعاعي قد يترك بصمة سلبية على مسار تطوره العصبي. لذلك، من الضروري أن نناقش الحقائق العلمية بوضوح وأن نسلط الضوء على الإجراءات الوقائية التي تحمي أطفالنا من خطر قد يبدو بعيدًا لكنه في الواقع أقرب مما نتوقع.
الجمجمة الرقيقة وامتصاص الإشعاع
تشير الدراسات إلى أن سماكة جمجمة الطفل أرقّ بكثير من جمجمة البالغين، ما يجعل الإشعاع يصل إلى الدماغ بسهولة أكبر. فعند عمر خمس سنوات، تبلغ السماكة حوالي نصف مليمتر فقط، بينما ترتفع إلى واحد مليمتر عند العاشرة، مقارنة بقرابة 2 مليمتر لدى الكبار. هذه الفجوة الصغيرة تفتح الباب أمام امتصاص إشعاعي أعظم.

الخصائص الفيزيائية للدماغ النامي
يحتوي دماغ الطفل نسبة أعلى من الماء والأنسجة الرخوة، ما يقلل انعكاس الموجات ويزيد من اختراقها. هذه الخصائص تجعل الأطفال أكثر عرضة لامتصاص مضاعف للإشعاع في نخاع العظام وفي الأنسجة الحساسة. وهو ما أثبتته أبحاث عدة تؤكد ارتفاع معدل الامتصاص مقارنة بالبالغين.
الحساسية البيولوجية
لا يقتصر الأمر على الجمجمة فقط، بل يتصل أيضًا بطبيعة نمو الدماغ. الخلايا الجذعية النشطة والأنسجة المتجددة بسرعة تجعل الدماغ أكثر حساسية لأي تأثير خارجي. هذا يعني أن الضرر المحتمل قد يكون أعمق وأكثر تأثيرًا على المدى الطويل.
نصائح عملية للوقاية
- اجعلي طفلك يستخدم سماعات الرأس أو مكبر الصوت بدلًا من وضع الهاتف مباشرة على الأذن.
- أبقي الهاتف بعيدًا عن الرأس أثناء النوم أو الراحة.
- فعّلي وضع الطيران عندما لا تحتاجين الاتصال بالشبكة.
- لا تسمحي باستخدام الهاتف إلا عند الضرورة، خاصة في سن صغيرة.
دماغ الطفل ليس نسخة مصغرة من دماغ البالغ، بل هو جهاز دقيق في طور التكوين يحتاج حماية مضاعفة. الجمجمة الأرق، والامتصاص الأكبر، والحساسية البيولوجية جميعها تجعل إشعاع الهواتف خطرًا حقيقيًا لا يجب الاستهانة به. والوعي هو السلاح الأول، فخطوة وقائية اليوم قد تعني صحة عصبية أفضل لطفلك غدًا. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ كيف توازنين بين الحزم والمرونة في تربية أطفالك؟