يُعَدّ قياس نسبة الحب بين شخصين موضوع يثير فضول النساء والرجال على حدٍّ سواء. منذ القدم حاول الإنسان أن يضع معايير لقياس العاطفة، لكن العلم اليوم قدّم أدوات تساعدنا على فهم العلاقة العاطفية بشكل أوضح. الحب ليس مجرّد شعور لحظي، بل هي حال نفسية وجسدية متكاملة ترتبط بالدماغ والهرمونات والسلوكيات اليومية. لذلك فإنّ قياس الحب بين طرفين يحتاج إلى مزيج من الملاحظة العلمية والتحليل النفسي.
وفي هذا المقال، سوف نعرض خطة واضحة لفهم هذا الموضوع. سنبدأ بذكر المفهوم العلمي للحب. ثم ننتقل إلى العلامات النفسية التي تكشف المشاعر. وبعدها نعرض أهم الاختبارات البسيطة التي طوّرها علماء النفس لقياس الحب. وأخيرًا، سنقدّم لمحة عن الجانب البيولوجي والهرموني الذي يفسّر قوة الارتباط العاطفي.
المفهوم العلمي للحب
لا يقتصر الحب على الجانب العاطفي، بل هو منظومة معقّدة تشمل المشاعر والسلوك والوظائف العصبية. توضح الدراسات أنّ الحب ينشط مناطق معينة في الدماغ مثل النواة المتكئة والقشرة أمام الجبهية، وهي المسؤولة عن الشعور بالمكافأة والمتعة. هذا يعني أنّ العلاقة بين شخصين تُترجم داخل الدماغ كحافز طبيعي يحفّز على الاستمرار والتقارب.

كما أنّ الحب يرتبط بإفراز مواد كيميائية مثل الدوبامين الذي يثير السعادة، والأوكسيتوسين الذي يُعرَف بهرمون الترابط. هذه المواد تجعل الفرد يشعر بالطمأنينة والانتماء، مما يعزز الرغبة في البقاء مع الطرف الآخر. لذلك فإنّ قياس الحب ليس مجرد سؤال عاطفي، بل له أساس علمي يمكن فهمه.
العلامات النفسية للسلوك العاطفي
من السهل ملاحظة بعض السلوكيات التي تكشف قوة العلاقة. يوضح علم النفس الاجتماعي أنّ الحب يظهر في لغة الجسد، في الانتباه للتفاصيل الصغيرة، وفي دعم الطرف الآخر في المواقف الصعبة.
- الاهتمام المستمر: إذا كان الشريك يطرح الأسئلة عن يومكِ أو يتذكر تفاصيل صغيرة، فهذا مؤشر قوي على الحب.
- الانجذاب البصري: التواصل البصري لفترات طويلة من العلامات المهمة التي تؤكد وجود مشاعر عاطفية عميقة.
- التعاطف: الميل لمشاركة المشاعر وتقديم الدعم عند الحاجة يعكس مستوى متقدمًا من الحب.
هذه العلامات لا يمكن تجاهلها، وهي بمثابة إشارات نفسية يمكن الاعتماد عليها عند قياس نسبة الحب بين شخصين.
اختبارات علمية لقياس الحب
طوّر علماء النفس عدة اختبارات تهدف إلى الكشف عن قوة الحب. من بين هذه الاختبارات ما يعرف بـ مقياس العاطفة الرومانسية، الذي يعتمد على طرح أسئلة بسيطة تقيس درجة التعلّق، ومستوى التضحية، ومدى الشعور بالراحة مع الطرف الآخر.
مثال على بعض الأسئلة:
- هل تشعرين بالراحة عند مشاركة أسراركِ معه؟
- هل تجدينه حاضرًا عند حاجتكِ؟
- هل تشعرين أن غيابه يؤثّر على حالك النفسية؟
الإجابات على هذه الأسئلة تمنح صورة واضحة عن مدى عمق العلاقة. ومع أنّ هذه الاختبارات ليست دقيقة بنسبة 100%. إلّا أنّها تقدم تصورًا علميًا يساعد على فهم المشاعر بشكل أفضل.
الجانب البيولوجي والهرموني للحب
لا يقتصر الحب على الأفكار والعواطف، بل له جذور بيولوجية عميقة. عند الوقوع في الحب، يفرز الجسم مواد كيميائية ترفع مستوى السعادة، مثل السيروتونين الذي يحسن المزاج. كما أن الأوكسيتوسين الذي يُفرز خلال العناق أو القرب الجسدي يزيد من الثقة المتبادلة بين الشريكين.

إضافةً إلى ذلك، أظهرت دراسات في علم الأعصاب أنّ وجود الحب يقلّل من مستويات الكورتيزول، وهو هرمون التوتر. هذا يفسّر لماذا يشعر العاشق براحة أكبر حين يكون بجانب من يحب. هذه الأدلة العلمية تدعم فكرة أن قياس نسبة الحب بين شخصين ليس مجرد خيال، بل يمكن فهمه عبر علم الأعصاب والهرمونات.
التواصل العاطفي كدليل حقيقي
من أهم مقاييس الحب هو التواصل العاطفي الصادق. فالعلاقات التي يسودها الحوار المفتوح والمشاركة الوجدانية تكون أكثر استقرارًا. التواصل لا يعني فقط الكلمات، بل يشمل الإصغاء، والتفهّم، وإظهار الاحترام.
على سبيل المثال، إذا شعرتِ أن شريككِ يشارككِ أحلامكِ ويقف بجانبكِ في القرارات المصيرية، فهذا مؤشر علمي قوي على وجود حب متوازن. هذه القدرة على التواصل تكشف أسرار القلب بعمق أكبر من أي اختبار.
هل يمكن قياس الحب رقميًا؟
رغم تطور العلوم النفسية والعصبية، يبقى من الصعب تحويل الحب إلى أرقام دقيقة. لكن بعض التطبيقات والأدوات الرقمية تحاول بناء اختبارات تفاعلية تعتمد على الأسئلة والإجابات. ومع ذلك، تبقى هذه الوسائل رمزية أكثر من كونها أدوات علمية دقيقة.
العلماء يؤكّدون أن قياس نسبة الحب بين شخصين يحتاج إلى دمج بين الملاحظة السلوكية، والاختبارات النفسية، والمؤشرات البيولوجية. فلا يوجد جهاز واحد يكشف الحب بدقة، بل هناك مجموعة من الدلائل التي يجب جمعها لتكوين صورة واضحة.
الخلاصة
الحب حال إنسانية معقدة، تجمع بين العاطفة، والعلم، والبيولوجيا. ومن خلال الدراسات الحديثة أصبح بالإمكان فهمه بشكل أعمق. سواء عبر العلامات النفسية أو المؤشرات الهرمونية أو الاختبارات البسيطة. ورغم أنّ قياس نسبة الحب بين شخصين لا يمكن أن يكون دقيقًا مئة بالمئة، إلا أنّ هذه الأدوات تمنحنا فرصة لاكتشاف أسرار القلب بشكل أوضح. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن اقصى مراحل الحب.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أن هذه الاختبارات تبقى مساعدة لكنها لا تغني عن التجربة الإنسانية الحقيقية. فالحب في النهاية يُقاس بالثقة، والاهتمام الصادق، وبالقدرة على مواجهة الحياة معًا. والأهم أنّ أي علاقة ناجحة لا تحتاج إلى أرقام، بل إلى مشاعر حقيقية تعكس حضور الطرف الآخر في أصغر تفاصيل الحياة.