ما حكم تأجير الرحم في الإسلام؟ وما نظرة الشرع لهذه الحالة ؟ الشيخ وسيم يشرح بالتفاصيل عن هذا الموضوع في ما يلي:
تأجير الرحم أسلوب من أساليب التلقيح الصناعي، وهو أن تؤخذ نطفة من زوج، وبويضة من زوجته، ثم توضعا في أنبوب اختبار طبي حتى يتم التلقيح، ثم تزرع اللقيحة في رحم امرأة أخرى نظير مال يدفع لها، وقد تفعل ذلك تطوعاً.
للمزيد:الشيخ وسيم يشرح عن حكم الختان في الاسلام
وحكم هذا الأسلوب: الحرمة وهو قول جماهير العلماء المعاصرين، حيثُ صدر قرار مجمع البحوث الإسلاميَّة بمصر بعدم جواز هذا الأسلوب، كما صدر قرار من مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي في دورته الخامسة سنة 1402هـ بتحريم هذا الأسلوب من أساليب التلقيح، وصدر قرار من مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي في دورة مؤتمره الثالث سنة: 1407هـ بتحريمه أيضاً.
نذكر بعض الأدلَّة التي استند إليها العلماء للقول بالتحريم:
قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ . إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ . فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ العَادُونَ} [المؤمنون: 5 – 7]. وقوله تعالى: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً} [النحل: 72]، فالله سبحانه وتعالى أمر بِحِفْظ الفروج.
بالإضافة إلى المفاسد الكثيرة التي يترتَّب عليها استِئجار الأرحام، منها:
• قد يؤدِّي إلى اختِلاط الأنساب، إذا كانت المستأجَرة متزوِّجة، وإن لم تكن متزوِّجة، فلن تسلم من الاتِّهام وسوء الظَّنِّ بِها، وحفظ الأنساب من الكليات الخمس التي جاءت الشريعة الاسلامية للحفاظ عليها.
• عدم وجود علاقة شرعيَّة بين صاحبة الرَّحِم وصاحب المني؛ ممَّا يقتضي القولَ بعدم مشروعيَّة هذا الحمل، فالحمل الشَّرعي لا بدَّ أن يكون من زوْجين.
• صاحب الحيوان المنوي ليس له حقُّ الاستِمْتاع بصاحبة الرَّحِم؛ لذا لا حقَّ له في شغْلِ رحِمِها بِحملٍ ليس منها وليس لها.
• أنَّ ذلك سيؤدِّي لنشوب خلافاتٍ ونزاعاتٍ حوْل أحقِّيَّة المرأتين بالأمومة: صاحبة البويضة، وصاحبة الرَّحِم.
• أنَّه يفسد معنى الأُمومة الحقيقيَّة التي فطَرها الله عليْها؛ إذ غايةُ ما هنالك إقرار بويضةٍ بدون عناء ولا مشقَّة، بيْنما التي حملتْها عانتْ آلام الحمل، وتغذَّى بغذائِها حتَّى غدا بضعة منها.
• أنَّ فتح هذا الباب قد يؤدِّي إلى انتِشاره، وأن تسلكه كلُّ مَن أرادت أن تُحافظ على صحَّتها ورشاقة بدنِها، فيتحوَّل الإنجاب بِهذه الطريقة إلى مفاخرة ومتاجرة.
• أنَّ رحِم المرأة ليس من الأشياء التي تقبل البذْل والإباحة بأي صورة كانت؛ سوى الصورة الشرعيَّة التي شرعها الله تعالى وهي النكاح.
توصية ونصيحة: أنصح من ابتلي بعدم الانجاب أن يتقوا الله تعالى ولا يقوموا بأساليب التلقيح المحرمة، فعليهم بالصبر واحتساب الأجر عند الله وأن يقوموا بكفالة يتيم ضمن الضوابط الشرعية أو يتزوج الزوج من امرأة ثانية وينجب منها (الزوجة الثانية) ولداً، وهذا إحدى حِكَم التعدد، قال تعالى: (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب).
الخلاصة: لا يجوز تأجير الرحم؛ ولا فرْقَ في أن تكون صاحبة الرَّحِم البديل زوجةً أُخْرى للرَّجُل صاحب الحيوان المنوي أو لا؛ لِعِظَم أمر الأنساب في الإسْلام، فوجب البُعد عن كلِّ ما يُخِلُّ به أو يضعفه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.