لطالما أدهش عالم الحشرات الطائرة أو الزاحفة منها الإنسان عبر العصور. ونذكر على هذا المثال النّملة. فالإنسان يراقب دائمًا النملة ليأخذ منها العبر، كالعمل والنشاط والذكاء. ويُحكى أنّه قديمًا في الصحراء الكبيرة في أفريقيا الشّماليّة، كانت ملكة الطّوارق، وهم سكّان هذه الصحراء، قد أضاعت طريقها فشاهدت قافلةَ نمل تحمل الحبوب على ظهرها، وما كان منها إلاّ أن تبعتها فوصلت إلى واحة فروت عطشها وأسكتت جوعها. كما يُحكى أيضًا أنّ القائد المغولي تيمورلنك ربح معركةً فاصلةً عندما راقب استراتجيّة النمل في التنقّل. النَّملةُ حشرةٌ نشيطةٌ تعملُ بلا مللٍ ولا كلل. فهي لا تضيِّعُ طريقَها وَتحفظُ الطُّرقاتِ التي تسيرُ عليها لأَنَّها تمتلكُ ذاكرةً قويَّةَ تجعلُها تحفظُ شجرةً مهما كانَت عاليةً أو غصنًا مهما كانَ نحيفًا أَو حتّى صخرةً مهما كانت ضخمةً. أَمَّا في المناطق الحارّة، كالصَّحراءِ مثلاً فإنَّ الشَّمسَ في كبدِ السَّماء تساعدُها لِتحدِّدُ المسافةَ التي تبعدُها عن وكرها. أَهمُّ شيءٍ بالنِّسبةِ للنَّملةِ هوَ أَن تعرفَ طريقَ العودةِ إلى وِكرها. والخطرُ الوحيدُ الذي تواجهه هو الهواء. لأَنَّ الهواءَ يحملُها وَيرميها بعيدًا في مكانٍ مجهولٍ فتَصعب عليها العودةُ إلى وكرها.