كثيراً ما نسمع أنّ فئة دم كلّ من الأمّ والأب قد تؤثر بشكل ما على صحّة الطفل، وخصوصاً سلامة تطوره الجسدي والذهني… ولكن إلى أي مدى تعدّ هذه الشائعات صحيحة؟
بإختصار، بإمكاننا أن نؤكد لكِ أنّ هذه المعلومة شبه صحيحة، ولكن ليس بالشكل الذي ظننته، ففئة دمكما، أنتِ وزوجكِ، مهما كانت لا تعرّضكما لإنجاب طفل معوّق أو تمنع عليكما الإنجاب، إلا أنّ هناك بعض الحالات التي تتطلب تدخلاً طبياً لحماية الطفل المنتظر من مشاكل صحية محتملة.
هذا الأمر لا يتعلّق بأنواع فئات الدم المألوفة أي A، B، O وAB، بل يرتبط بما يعرف بالعامل السلبي أو الإيجابي أي Rhesus Positive أو Negative.
ففي حال كانت فئة دم الأم من الريسوس الإيجابي، لا يهمّ مهما كان ريسوس فئة دم الأب. أمّا إن كانت فئة دم الأم من الريسوس السلبي، فمن الضروري تحديد فئة دم الأب. ففي حال كان الريسوس سلباً، لا مشكلة على الإطلاق، أمّا إن كان إيحابياً، فعلى الأم إتخاذ تابير وقائية خلال حملها الأولّ وحتّى في حالة الإجهاض، على شكل حقنة ضرورية، إجمالاً ما يجب فعلها في الشهر السابع، كما بعد ساعات من الولادة.
والسبب؟ هناك إحتمال كبير أن يكون الجنين يحمل الريسوس الإيجابي، ما قد يؤدّي إلى حصول تضارب مؤذٍ ما بين فئتي دم الأم وطفلها.
للمزيد: حقائق عن الحمل عالي الخطورة
ففي حين أنّ الريسوس الإيجابي هو مؤشر أكيد إلى أنّ خلايا دم تحمل نوعاً من البروتينات على سطحها، تشير تسمية الريسوس السلبي إلى عدم وجود هذا البروتين.
وبالتفاصيل، في حمل الأمّ الأول، من المستبعد جداً حصول أي مشاكل صحية سببها تضارب فئات الدم، وذلك لأنّ دم الجنين لا يتداخل بأي شكل مع دم الأمّ. ولكن، خلال الولادة، أو في حال حصول إجهاض، يحصل تداخل ما بين دماء كلّ من الأمّ والطفل.
عند حدوث ذلك، يتعرّف جسم الأم على البروتين الموجود على سطح خلايا الدم لدى جنينها، والذي يلعب دوراً في تحديد الريسوس الإيجابي لديه، ليتدخّل الجهاز المناعي ويعتبره جسماً عريباً، مفبركاً أجساماً مضادّة تعمل على تدمير هذا النوع من الخلايا في حال مواجهتها مستقبلاً.
هذه الأجسام المضادّة لا تؤذي الطفل الأوّل بأي شكل من الأشكال، ولكن المشكلة تكمن مع حالات الحمل المقبلة، في حال كان الجنين التالي أيضاً من زمرة الدم الإيجابيّة. إذ يقوم جسم الأمّ بالتعرف على البروتين المذكور أعلاه لدى الجنين، فتنتقل الأجسام المضادّة إلى مجرى الدم لديه وتعمل على محاربة خلايا الدم لديه، ما يؤدي إلى إنتفاخها أو تدميرها.
هذه الحالة ينجم عنها ما يعرف بالـHemolytic، ألا وهو الانخفاض الكبير لعدد خلايا الدم لدى الجنين، والتي إجمالاً ما تكون عواقبه وخيمة مثل فقر في الدم، أضرار في الدماغ ومشاكل في القلب قد تهدّد الحياة.
كيف تتفادين وتعالجين هذه المشكلة؟
لطالما شكلت مشكلة الـHemolytic أزمة فعلية لدى الأجيال السابقة، ولكنّ تطور الطب هو في مصلحتكِ لمنع حدوث هذه المضاعفات. إذ يتم إعطاء كلّ أمّ ذات زمرة دم سلبية حقنتين من الـ Rh immune-globulinخلال حملها الأوّل: الأولى في أسبوعها الـ28 تقريباً، والثانية بعد انقضاء 72 ساعة على الولادة. هذه الحقنة تعمل كنوع من اللقاح الذي يمنع جسم الأم من إفراز أي أجسام مضادة قد تضرّ حملها المقبل.
كذلك، يتمّ إعطاء هذا النوع من الحقنات عند حدوث إجهاض، فحص للمياه الجارية amniocentesis، أو بعد حصول أي نزيف خلال الحمل.
للمزيد: ما هي اعراض تسمم الحمل؟
وفي حال تمّ إكتشاف وجود للأجسام المضادّة في جسم الأمّ، يتم مراقبتها طيلة فترة الحمل للتأكد من عدم ارتفاع مستوياتها في شكل يضر بالجنين. كذلك، وفي الحالات المتطرّفة، يتم إجراء نوع من نقل للدم قبل ولادة الطفل أو بعدها لإستبدال دم الجنين بخلايا دم من العامل السالب. هذا الإجراء يثبت مستوى خلايا الدم لديه، ويقلّل من ضرر الأجسام المضادّة الموجودة في مجرى دمه.
تجدر الإشارة إلى أنّ هناك حالة أخرى تؤثر على صحة الطفل وتعرّضه للإختلالات والإعاقات الجسدية كما الذهنية بسبب عامل الدم، ألا وهي زواج القربى، إذ لا علاج أو وقاية من أضراره سوى تفادي هذا النوع من الزيجات.
عدا عن ذلك، لا تقلقي، فلا مشكلة على الإطلاق في الإنجاب ما بين مختلف فئات الدم، عكس الشائعات والأقاويل التي تدور حول الموضوع.