"لش ولدك لسة ما يتكلّم؟"، "هل يعاني من مشكلةٍ ما؟"، "عليك التحدث معه أكثر"، تنظيرات وأسئلة طرحها كل من حولي بعدما بلغ طفلي السنتين من عمره ولم يتكلّم!
ولم يتوقف بعضهم عند تلك الأسئلة فحسب، بل ذهبوا إلى حدّ لومي، معتبرين أنّ سبب تأخر الكلام عند طفلي يعود إلى فطامه مبكراً! وكل ذلك، من دون التفكير بما أشعر به كأمٍ تتوق للحظة التي تسمع فيها طفلها وهو يلفظ كلماته الأولى…
المشكلة هي أنّ أحداً لم يفكّر بالقلق الذي كنت أعيشه كأم وليالي السّهر التي أمضيت فيها وقتي بإجراء الأبحاث، والمرّات التي اصطحبت فيها طفلي إلى الطبيب لمعرفة سبب تأخر النطق عنده في مثل هذا العمر!
اليوم، يبلغ سامي من عمره 5 سنوات. والحمدلله، إنّه يتحدّث بطلاقة، يلفظ الكلمات بالشكل الصحيح ولا يُعاني من أي مشكلة في النطق… والفضل بذلك، يعود إلى متابعتي له مع الأخصائي حيث تبيّن أنّ المشكلة كانت في منطقة اللسان، وهي التي كانت تعيق قدرته على إصدار الأصوات.
لا أنكر أنّ المرحلة لم تكن سهلة! ولكن، ما زادها صعوبة هي تلك التنظيرات التي كنت أسمعها من الجميع، تلك النظرات التي كانت تشعرني بالذنب وكأني المسؤولة عما يحصل مع طفلي، وتلك الأسئلة التي كانت تذكّرني في كل لحظة بمشاعر الحزن والقلق والخوف، والتي لا أخفي أنها كانت تفقدني الأمل في الإستمتاع بسماع صوت طفلي وهو يتعلّم قول كلمات جديدة!
ولكن، ما تعلّمته من هذه التجربة هو ألا أصغي إلى أحد سوى لمن أعرف تماماً أنّه يتحدّث كي يدعمني، يشجعني، ويساعدني على تجاوز المشاكل التي يُمكن أن أواجهها… لن أسمح بعد الآن لأحدٍ بأن يمتص مني طاقتي الإيجابية!