يُعَدّ التعرّف على سبب شد الرضيع للحلمة من التحدّيات التي تواجهها العديد من الأمّهات خلال مرحلة الرضاعة الطبيعيّة، ويُعتبَر هذا السلوك من الأمور التي قد تثير الشعور بالقلق والانزعاج، خاصّةً عندما يحدث بشكلٍ متكرّر أو يسبب ألمًا للأم. لا يمكن إنكار أهميّة الرضاعة الطبيعيّة، ومع ذلك، فإنّ مثل هذه السلوكيّات قد تجعل هذه التجربة أقلّ راحة وتطرح العديد من التساؤلات حول أسبابها وكيفية التعامل معها.
في هذا المقال، سنستعرض بالتفصيل الأسباب المحتملة وراء شد الرضيع للحلمة، وكيفيّة تأثير هذا السلوك على عمليّة الرضاعة، كما سنقدّم استراتيجيّات فعّالة يمكن للأمهات اتّباعها للتعامل مع هذا التصرّف وضمان الحصول على فوائد الرضاعة الطبيعيّة للأمّ والطفل.
الأسباب الشائعة التي تدفع الطفل لفعل هذا التصرّف
من المهمّ فهم الأسباب الشائعة وراء سبب شد الرضيع للحلمة لأنّ التعرف عليها يمكن أن يساعد في التعامل مع هذه المشكلة بفعالية. تختلف الأسباب من طفل لآخر، لكنّها غالبًا ما ترتبط ببعض العوامل الشائعة، والتي سنكشف لكِ في ما يلي عن أكثرها شيوعًا:
الجوع الشديد وعدم الصبر
عندما يشعر الرضيع بالجوع الشديد، قد يكون غير صبور لبدء تناول الحليب فورًا، الأمر الذي يمكن أن يدفعه إلى شدّ الحلمة بقوّة كوسيلة للحصول على الحليب بسرعةٍ أكبر. قد يكون هذا السلوك إشارة إلى أنّ الطفل بحاجةٍ إلى تعديل في جدول الرضاعة الطبيعيّة لتلبية احتياجاته الغذائيّة بشكلٍ أفضل.
التسنين وألم اللثّة
في مراحل التسنين، يشعر الرضيع بألم وانزعاج في لثّته، وقد يلجأ إلى شدّ الحلمة كوسيلة للتخفيف منه أثناء حصوله على الطعام. بحسب موقع NCT في مقالة نُشِرَت تحت عنوان “Your guide to teething month by month”، في الحقيقة، من المفترض أن تسبّب كل سنّ أو كلّ زوج من الأسنان لطفلكِ ألمًا يستمر قليلًا لأكثر من أسبوع، بمعنى آخر، قد يشعر بالألم لمدة خمسة أيام تقريبًا قبل بزوغ السن، وثلاثة أيام بعد ذلك (Macknin وآخرون، 2000). ولمعرفة المزيد من التفاصيل عن هذه المقالة يمكنكِ الضغط هنا.
تدفّق الحليب البطيء
إذا كان تدفّق الحليب بطيئًا أو غير كافٍ في البداية، قد يؤدّي ذلك إلى شعور الرضيع بالإحباط، ما يجعله يشدّ الحلمة لتحفيز نزوله بشكلٍ أسرع، وقد يكون ذلك ناتجًا عن وضعية غير صحيحة للرضاعة أو بسبب نقص في كمية الحليب المتاحة للطفل.
الفضول والاستكشاف الحسّي
في مراحل معيّنة من النموّ، يبدأ الطفل في استكشاف العالم من حوله بشكلٍ أكثر فعالية، وقد يتجلى ذلك في شدّ الحلمة كوسيلة لاستكشاف جسده وتجربة ردود الفعل المختلفة.
تأثير هذا التصرّف على جودة عملية الرضاعة
عند التحدّث عن سبب شد الرضيع للحلمة ، يجب أن ننظر في كيفيّة تأثير هذا السلوك على جودة وفعالية عمليّة الرضاعة، فالتأثيرات المحتملة لهذه العادة قد تكون متنوّعة وتؤثر على كل من الطفل والأم، لذا سنعرض لكِ أبرزها في ما يلي:
ألم وانزعاج للأم
يمكن أن يؤدّي شدّ الحلمة بشكلٍ متكرّر إلى شعور الأمّ بألم وانزعاج شديدين، وقد يصل ذلك إلى حدّ التسبّب في التهاب الجلد أو حدوث تشقّقات فيه، مما يجعل من الصعب على الأم الاستمرار في الرضاعة بشكلٍ مريح، ويؤدّي أيضًا إلى تقليل مدّة الرضاعة أو التوقف عنها مبكرًا.
تقليل فعالية الرضاعة
إذا كان الطفل يشدّ الحلمة بشكلٍ مستمر، فقد يؤثّر ذلك على فعالية الرضاعة ويقلّل من الكميّة التي يتناولها من الحليب، وهذا يمكن أن يؤدّي إلى عدم حصوله على جميع العناصر الغذائيّة التي يحتاجها، ممّا قد يؤثّر سلبًا على نموّه وصحّته العامّة.
التشتّت وعدم التركيز
في بعض الأحيان، يمكن أن يكون شدّ الحلمة نتيجة لتشتّت انتباه الطفل وعدم تركيزه على عمليّة الرضاعة، وقد يكون ذلك ناتجًا عن عوامل خارجيّة مثل الضوضاء أو تغيّرات في البيئة المحيطة بالطفل، وعندما يحدث ذلك، قد تصبح عمليّة الرضاعة أقلّ إنتاجيّة وأقلّ فعالية.
كيفيّة التعامل مع هذه المشكلة
يمكن أن تُساعد معرفة سبب شدّ الرضيع للحلمة في وضع خطّة فعّالة للتعامل مع هذه المشكلة، فمن المهمّ التصرّف بشأن هذا السلوك بطريقةٍ مدروسة وهادئة لضمان استمرار الرضاعة الطبيعيّة بشكلٍ مريحٍ وفعّال.
تحسين وضعيّة الرضاعة
يمكن أن يقلّل تحسين وضعيّة الرضاعة بشكلٍ كبير من شدّ الحلمة، لذا تأكّدي من أنّ الطفل يلتقطها بشكلٍ صحيح وأنّ وضعيّته تسمح بتدفّق الحليب بسهولة. وفي بضع الأحيان، يمكن أن تكون استشارة مختصّ في الرضاعة الطبيعيّة مفيدًا للحصول على توجيهات دقيقة حول الوضعيّات الصحيحة.
استخدام مسكّنات التسنين
إذا كان التسنين هو السبب وراء شدّ الحلمة، يمكن استخدام مسكّنات ألم خاصّة بالتسنين أو عضّاضات باردة لتخفيف شدّة الألم في لثة الطفل، فهذا يمكن أن يساعد في تقليل رغبته في فعل هذا التصرّف كوسيلة لتخفيف الألم.
زيادة عدد مرّات الرضاعة
يمكن أن تساعد زيادة عدد مرات الرضاعة وتقديم الحليب للطفل بشكلٍ متكرّر في تقليل شعوره بالجوع الشديد الذي يدفعه لشدّ الحلمة، فذلك يضمن أنّه يحصل على كميّات كافية من الحليب من دون الحاجة إلى الإفراط في الشد.
توفير بيئة هادئة للرضاعة
إنّ ضمان أن تكون بيئة الرضاعة هادئة وخالية من المشتّتات يمكن أن يساعد الطفل على التركيز بشكلٍ أفضل خلال هذه العمليّة، لذا يمكنك اختيار مكان هادئ بعيدًا عن الضوضاء، وتقليل التشتّتات التي قد تؤدّي إلى شدّ الحلمة.
في الختام، إن فهم سبب شد الرضيع للحلمة يُعتبَر خطوة هامّة نحو تحسين تجربة الرضاعة الطبيعيّة لكلّ من الأمّ والطفل، ومن خلال التعامل مع هذا السلوك بشكلٍ صحيح، يمكن للنساء تجاوز هذه التحدّيات وضمان تقديم تغذية صحيحة ومريحة لأطفالهنَّ. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن أسباب الرضاعة المتقطّعة للرضيع وطرق علاجها.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أنّ على الأمهات التحلّي بالصبر والتفهّم عند التعامل مع سلوكيات الرضاعة المختلفة، بما في ذلك شدّ الحلمة، ومن الضروريّ أن تبحث الأم دائمًا عن المساعدة المختصّة إذا لزم الأمر، وأن تظلّ مطّلعة على أحدث الأساليب العلميّة في تربية الأطفال والعناية بهم. بهذا النهج، يمكن للأمهات تعزيز علاقتهنَّ بأطفالهنَّ وضمان تلبية احتياجاتهم الغذائيّة والنفسيّة بشكلٍ فعال.