يحكى عن امرأة عوراء عاشت الحياة وقسوتها بعد رحيل زوجها فعملت بعين واحدة لتربية طفلها وإعالته.
وفي يوم من الأيام وعندما أرادت اللحاق به إلى المدرسة للإطمئنان اليه فبادرها ابنها بكلمات قاسية يعبر فيها عن خجله بها ورفضه قدومها إلى المدرسة لكي لا يسخر الجميع منه لأنّ أمه عوراء بعين واحدة. لم تهتم الأم لما قاله وحيدها معلّلة صراحته ببراءة الأطفال.
مرت الأيام والأم تسقي وحيدها من نبع حنانها وعطائها حتى أصبح شابًا ناجحًا تفتخر فيه لكنه أصر في كل مناسبة على إبعادها عن حياته لخجله منها ومن عينها المقلوعة متلفظًا بكلمات جارحة ومشينة لكي لا تكرر فعلتها وتعاود الظهور أمام أصدقائه.
لملمت الأم جراح عاهتها في قلبها ولم تملك سوى عين واحدة تبكي فيها على قساوة ابنها وحزنًا على الدنيا وعلى نفسها. ولكنها لم تغضب منه يومًا بل ما كفت عن الدعاء له.
إلا أنه قرر الرحيل عنها في يوم من الأيام وسافر وتزوج ورزق بأولاد ولم يفكر يومًا في زيارتها والإطمئنان اليها وحتى انقطع عن مراسلتها.
وبعدما مر الزمن عرف الولد قيمة الأب والأم بعدما أصبح والدًا، تملّكه الندم وقرر العودة إلى أمه والإعتذار منها ولكنه لم يجدها فقد رحلت من هذه الدنيا تاركة له هذه الرسالة:
"ولدي العزيز يعز علي أن أرحل من دون أن أراك لكن سأحكي لك حكاية اخفيتها عنك عمرًا كي لا أحمّلك فوق طاقتك .. عندما كنت طفلًا صغيراً تعرضت لحادث مريع ذهب بعينك، ولم يكن هناك بديل سوى أن أهبك عيني ترى بها الدنيا.. أما أنا فتكفيني عين واحدة أرى بها وجهك الغالي."
ما أعظم حبّ الأم وما أشدّ قسوة الأبناء.. الأم هي نبع الحنان ومن لم يشرب منه لم يختبر قيمة الحياة!