لقد أطلعناكِ في مقال سابق على "عائلتي" أن الطفل البكر أكثر ذكاء من أشقائه، (أو على الأقل بحسب هذه الدراسة!) أما في هذا المقال، فسوف نضع بين يديك حقيقة من نوع آخر أثبتتها دراسة جديدة أيضاً. والحقيقة هذه المرّة تخصّ الطفل الوسط أو المولود الثاني في الأسرة وتقلده وسام الشقاوة والمشاغبة والتصرفات الرعناء التي يمكن أن تؤدي إلى عواقب وخيمة.
وبحسب الدراسة القائمة على مجموعة من البيانات المتعلقة بآلاف الأخوة والأخوات في كل من الولايات المتحدة وأوروبا، فإن الأطفال الذين يحتلون الترتيب الوسط في الأسرة (لاسيما الذكور منهم) يميلون بنسبة تتراوح بين 25 و40% إلى الوقوع في المتاعب في المدرسة أو الانحراف ومخالفة القانون.
ويربو التفسير المنطقي لهذا الميل على تبدل ديناميكة الأسرة مع كل عنصر جديد ينضم إلى كنفها وتغير النهج التربوي الذي يتبعه الوالدان من طفل إلى آخر. ففي حين يتلقى البكر اهتماماً متواصلاً منهما، يجد الطفل الأصغر منه سناً نفسه يُصارع من أجل الحصول على بعضٍ من هذا الاهتمام. الأمر الذي يتجلّى في سلوكياته على شكل قلّة ثقة بالنفس وتمرّد وعناد ومكابرة للفت الانتباه.
عدا عن ذلك، يحظى البكر بفرصة الاقتداء بوالديه ورصد تصرّفاتهما والتأثر بهما، فيما لا يتسنّى للطفل الثاني سوى فرصة التطلّع إلى الشقيق الأكبر منه سناً والذي لا يتمتع بعد بالوعي ولا النضوج الكافي ليكون المثل الصالح له في التصرف الحسن. والأرجح أنّ لهذا الاختلاف الكبير تأثير كبير يفوق التصور!
وبناءً على ما تقدم، تدعوكِ "عائلتي" إلى أن تحاولي وزوجكِ بذل ما في وسعكما للخروج من دوامة التراتبية والتمييز غير المتعمّد وغير المقصود بين الأبناء على أساس موقعهم في الأسرة، وإيلاء صغيركما الثاني كما الأول والأخير كلّ الاهتمام والرعاية والدعم والوقت الذي يحتاجه منكما، عساكما بذلك تنتشلانه من المصير "القاتم" الذي يتربصه وتحولان دون تحوّل شقاوته في الصغر إلى انحرافٍ وعقدٍ نفسيّة في الكبر!!
اقرأي أيضاً: كيف أتصرف عندما يقول لي طفلي أنه يكرهني؟